تسعة وتسعون عاماً مر على رحيل واحد من أهم عباقرة الفن المسرحي التي أنتجتها جمهورية مصر العربية والذي ساهم بفاعلية في نقل المسرح من الطرب والسلطنة إلى الواقعية.
وعادةً لايمر شهر سبتمبر من كل عام دون وقفة وإحياء لذكرى الفنان سيد درويش الذي وافته المنية في الخامس عشر من شهر سبتمبر عام ١٩٢٣م.
ولأهمية الدور الذي قام به سيد درويش في إستمرار المسرح الغنائي الذي يعتبر علامة بارزة وفارقة جعلت أغانيه خالدة إلى اليوم بإعتبارها أغاني حقيقية ونابعة من القلب وغير مسبوقة في فحواها و رسالتها و أسلوبها التعبيري.
قدمت لجنة المسرح من خلال الحلقة المسرحية مؤخراً في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، جلسة نقاشية بعنوان (ألحان سيد درويش المسرحية.. الأثر والتأثير ونماذج بانورامية) قدمها الناقد الفني، والفنان المسرحي، وعضو الحلقة المعرفية المسرحية عبدالعزيز إبراهيم السماعيل وبمشاركة وحضور عددٍ من المهتمين وأعضاء اللجنة.
وبدأ السماعيل حديثه بالحاجة إلى وجود مجددين أمثال درويش الذي كان يعلم مايفعل، ويمتلك طموح عالي وثراء نغمي ولحني وخيال موسيقي مميز، والأهم أنه كان سابق لزمنه بشكل كبير جداً.
واستعرض السماعيل تاريخ المسرح المصري قبل وبعد سيد درويش، فبالرغم من قصر عمرة الفني الذي يصل لسبع سنوات إلا أن انتاجه وصل إلى ٢٣٣ أغنية مسرحية. ويصف السماعيل هذا الإنتاج بالعجيب المليء بالدفق اللحني والتعبيري، حيث لن يجد المستمع لأي من مسرحياته لحن مكرر، الأمر الذي آثار حفيظة الملحنين القدامي اللذين اتهموه وجردوه من تلحين أعماله والتشكيك بها.
وأوضح السماعيل أن الأغنية في المسرح الغنائي قبل سيد درويش كان لها دور في الترفيه والتعبير عن نهاية كل فصل، أما في زمن درويش كان له دور بارز في دخول الدراما التلحينية في المسرح. وأضاف السماعيل أنه من المهم الإشارة إلى أن درويش هو من مهد الطريق إلى الأغنية السينمائية.
وعند سؤال السماعيل عن التأثير الذي حققه سيد درويش من خلال المسرحيات التي قدمها أشار إلى أنها كثيرة ولكن أهمها هو :” إن درويش جعل اللحن شريك الفنان على الخشبة وعبر عنه و معه وله، واستطاع أن يضيف الحرارة الإنفعالية والدرامية على الحانه المسرحية الجامدة قبله”. واسترسل السماعيل أن درويش عُرف بأسلوبه التعبيري الآخاذ وامتد أيضاً للأغنية السينمائية، وجعل من أهازيج الناس أساساً للغناء المسرحي بحسب ظروف المسرحية والسيناريو المكتوب.
وختاماً لفت السماعيل على محاولات التقليد وإستنساخ نمط سيد درويش بأن كل من جاء بعده عوال عليه من عبدالوهاب المتاثر الأكبر حتى سيد مكاوي وعمار الشريعي.