قبل أيام مضت أخذني الحنين للقيام بجولة على أحياء مكة المكرمة القديمة للاطلاع على التغييرات التي شهدتها سواء كانت في عملية توسعة الطرقات أو تشييد المباني ، وكان من بين الأحياء التي زرتها حي أجياد ، وتحديدا أجياد السد ، الذي سكنت به زمنا من طفولتي قبل انتقالنا لحي المسفلة ، وخلال تجوالي وقفت متأملا عمائر الاشراف الواقعة أمام مستشفى أجياد فتذكرت مبناها القديم ، ودكان والدي ـ يرحمه الله ـ بها .
ومما زادني شوقا لهذا الحي ما قرأته عن هذا الحي في كتاب " حارة أجياد " للدكتور زكريا يحي لال ، أستاذ تكنولوجيا التعليم بجامعة أم القرى ـ يرحمه الله ـ ، والصادر ضمن "سلسلة كتاب الرياض" برقم 174 ، فقد
عرفه الدكتور زكريا بقوله " عُرفت أجياد أو جياد من الجيد، وهو العنق، والجمع أجياد مثل حمل وأحمال، وقيل بأن أجياد جمع جواد أو جياد من الخيل، وتطلق على الذكر والأنثى " ، مستندا في تعريفه لما قاله الأعشى ميمون بن قيس في شعره :
فما أنت من أهل الحجون ولا الصفا ولا لك حق الشرب من ماء زمزم
ولا جعل الرحمن بيتك في العلا بأجياد غربي الصفا والمحرم
وإن كان التعريف مهم فإن تقسيماته مهمة أيضا لذلك يقول الدكتور زكريا أن هناك من قسموا " أجياد إلى قسمين فقالوا أجياد الكبير، وأجياد الصغير، ويقصدون بأجياد الصغير المكان المعروف اليوم بأجياد السد لعدم وجود منفذ، وهو يبدأ من أوائل باب أجياد ويسير منعطفاً نحو الشمال الشرقي وينتهي بخطم جبل خندمة الفاصل بين أجياد وشعب أبي يوسف، وأجياد السد أصبحت ذات منفذ يربطها بحي العزيزية أنفاق متعددة للمركبات وأخرى للمشاة وصولاً للبيت الحرام " .
أما حدود أجياد فهي " من ساحة باب أجياد الحرم المكي ثم مستشفى أجياد الذي يتوسط الحي، وقد تم هدمه في سنة 1430هـ/2009م حيث سيقام المبنى البديل بجواره إلى الداخل من رباط البهرة، وبجوار المستشفى عمائر الأشراف التي كانت تعتبر في الماضي أحد أهم معالم أجياد، وتم بناء جزء كبير منه يطل على حارة أجياد وهو مبنى أوقاف الملك عبدالعزيز الذي يعد من ناطحات السحاب في العالم، وبجواره فندق مصر سابقاً، وفي الجهة المقابلة فندق أجياد مكارم الذي أخذ جزءاً من مبنى وزارة المالية بالسابق "
ويشير الدكتور زكريا في كتابه إلى أن العديد من الدوائر الحكومية تواجدت بالحي ، ومنها : المالية ومطبعة الحكومة ، القضاء والمحكمة الشرعية وكتابة العدل ، الأمن العام ، البلدية ، دار الأيتام ، مقر الموسيقى العسكرية - ثكنة العسكر ، البريد العام ، السجن ، ـ المرستان ، التكية المصرية ، فندق مصر ، فندق شبرا ، مديرية المعارف ، مطبعة قريش ، ومن الكتاتيب : كتاب الماحي ، وكتاب الخوجة ، وكتاب الخياط ، أما المدارس فمنها المدرسة الفخرية العثمانية الابتدائية ، والمدرسة السعدية الابتدائية، النموذجية الابتدائية، المنصورية الابتدائية، خالد بن الوليد المتوسطة المعهد العلمي السعودي ، كما صدرت منه جريدة الندوة ، عن دار الندوة للطباعة والنشر، في مكة المكرمة لأول مرة يوم الأربعاء 26 فبراير من عام1958 .
وفي الحلقة الثانية سأتحدث عن كتاب " حارات ومعالم جوار المسجد الحرام " للدكتور فوزي ساعاتي والذي تناول فيه حي أجياد ومستشفاه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com