في الحلقة الأولى تناولت بعضا من ذكرياتي بحي أجياد ، وما كتبه عنه الدكتور زكريا لال ـ يرحمه الله ـ في كتابه " حارة أجياد " ، واليوم أتوقف أمام كتاب " حارات ومعالم جوار المسجد الحرام " للدكتور فوزي ساعاتي والذي تناول فيه العديد من حارات مكة المكرمة ومعالمها بجوار المسجد الحرام ، سواء كانت مؤسسات رسمية، أو مبانٍ حكومية أو خاصة .
ولأن حديثي مرتبط بحي أجياد فسأذكر ما أورده الدكتور فوزي عن أحد أبواب المسجد الحرام السبعة الواقعة في الجهة الجنوبية ، إذ يقول كان باب أجياد الصغير (باب الجياد، باب جياد): و " يسمى بباب بني مخزوم، وباب الخليفتين - وكان بنو تميم ينزلون حول باب أجياد الصغير وهو الباب الرابع من ناحية الجنوب، وفي شهر جمادى الثانية سنة 1357هــ، ركبت نجفة كبيرة نحاسية بديعة المظهر صنعت في مصر في اتجاه باب أجياد، وهي من إهداء الحاج المصري يعقوب عبدالوهاب بك، وهو يطل (ينفذ) إلى التكية المصرية".
وباب أجياد الكبير: "وكان يسمى بباب أم هاني بنت أبي طالب، وبباب الفرج، وبباب الملاعبة، وبباب أبي جهل، وبباب الحميدية، وبباب الشريف لأنه كان يخرج منه الشريف سرور إلى بيته بجياد، ويعرف الآن بباب الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، وهو المدخل الرئيس للوفود الرسمية الزائرة لأداء العمرة أو الحج".
ومن أبواب المسجد الحرام يأخذنا الدكتور الساعاتي لنتجول في حارة جياد أو كما يقال (أجياد) ونتذكر طرقاتها وأزقتها التي ضمت التكية المصرية، والحميدية (دار الحكومة)، وفي هذه الدار توجد (قاعة الديوان)، والتي جرى فيها "انتخاب أعضاء مجلس الشورى في سنة 1344هـ، وعقد فيها الاجتماع الأول لأعضاء مجلس الشورى في شهر ذي القعدة 1344هـ"، وفيها أيضاً اختار الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله -، أعضاء لجنة التفتيش والإصلاح وعقدت اجتماعها الأول".
كما توجد في أجياد المطبعة الأميرية، التي تم بناؤها سنة 1300هـ، من الحجر ومن طابقين وانتهى بناؤها سنة 1302هـ، كما توجد دار ضرب النقود، والتي افتتحت يوم الخميس 2 / 2 / 1343هـ، في شعب جياد بالقرب من مركز الحكومة - الحميدية، وقد تمت إزالته في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله -، لصالح ميدان أجياد في بدايات شهر ربيع الثاني 1375هـ، كما يوجد في جياد السجن، ومبنى البريد والبرق، ومدرسة الشرطة، ودارة إنارة الحرم، ومستشفى (بيمارستان الأمراض العقلية، ومستشفى أجياد، وفرن الجراية، ودار النيابة، والمعهد المغربي الجزائري لأحباس الحرمين، ودار (ملجأ) الأيتام والصنائع، والإدارة العسكرية (ثكنات)، ودار كسوة الكعبة (دار كسوة الكعبة والصناعة الوطنية)، وفندق (لوكندة) مصر، وسرايا (سكن) الأمير منصور - رحمه الله -، وسرايا (سكن) الأمير عبدالله بن فيصل - رحمهما الله -، وسرايا (سكن) الأمير (الملك) فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، والتكية المغارية (الفرنسة).
وما ذكره الدكتور فوزي في كتابه " حارات ومعالم جوار المسجد الحرام " ، ذكرني بكتاب (مكة المكرمة أحب أرض الله إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم)، للأستاذ الدكتور حسن بن علي مختار، والذي تناول فيه "الأزقة في مكة المكرمة وأثرها على الحياة الاجتماعية"، وتطرق لدور الأزقة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية نتيجة فتح عدد كبير من المتاجر ، و"تعزيز العلاقات الاجتماعية بين سكان الزقاق (الجيران) لتقارب الدور ببعضها"، واستخدام "بعض الأزقة متنفساً للأطفال والشباب يلعبون فيها الألعاب المختلفة".
وختاما أقول إن الأحياء القديمة بمكة المكرمة لعبت دورا بارزا في الحياة الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية ، وكانت الحارة تمثل ملتقى أسري يجتمع فيه الكبار وتلتقي فيه النساء ويلعب فيه الصغار .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com