خطب وأم المصلين في المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي ، وبعد أن حمد الله تعالى بدأ خطبته بقوله:
اتقوا الله تعالى بأداء حقوقه، واتقوا الله بالقيام بحقوق خلقه؛ فقد فاز من اتقى، وقد خسر من ضيع الحقوق وطغى وبغى، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، وقال تعالى:(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)، وقال تعالى:(فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (38) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (39) وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ (40) فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ)فسعادة الإنسان وحياته الطيبة في الدنيا والآخرة بالقيام بحقوق الرب جل وعلا، وبالقيام بحقوق الخلق، وشقاوة الإنسان وخسارته وهلاكه وخلوده في جهنم بتضييعه حقوق الرب سبحانه وتعالى، وتضييع حقوق الخلق وظلمهم، قال تعالى: (وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا).
وأكمل: فصلاح العالم كله يعود إلى الأيمان والعلم النافع والعمل الصالح والعدل، وخراب العالم كله يعود إلى الفسوق والفجور وظلم الإنسان للإنسان، ولأجل إصلاح الإنسان وحمايته من الظلم الذي يدمر الحياة؛ شرع الله الشرائع، وأحل الحلال، وحرم الحرام، وفصل الواجبات، وبين الحقوق وألزم بها، ليسعد الإنسان في حياته وبعد مماته، فأوجب التعاون على الخير، وأوجب التراحم والتعاطف ونصرة المظلوم، وبذل الخير وكف الشر والأذى، لأن الحياة لا تصلح إلا بذلك، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» رواه البخاري ومسلم.
وأضاف فضيلته: وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلمٍ يخذل امرأً مسلمًا في موضِعٍ تُنتهكُ فيه حُرمتُه ويُنتقَصُ فيه من عِرضِه ؛ إلا خَذَلَه اللهُ في مواطنَ يُحبُ فيه نصرتَه ، وما من امرئٍ ينصرُ مسلمًا في موضعٍ يُنتقَصُ فيه من عرضِه ، ويُنتهكُ فيه من حُرمتِه ؛ إلا نصرَه اللهُ في مواطنَ يُحبُ فيه نصرتَه).
فالمسلم مع المسلم في الشدة والرخاء، وفي الهموم والبلواء.
وأكمل فضيلته: يا أمة الإسلام: يامن أوجب الله عليكم التراحم، والتعاطف، والتواد والتعاون، والتعاضد والتناصر، انصروا إخوانكم المستضعفين من الأطفال والنساء والشيوخ في غزة الذين أحاط بهم البؤس والضراء بالدعاء، انصروهم بالغذاء، انصروهم بالدواء، وانصروهم بالمال والكساء، سدوا حاجاتهم، ونفسوا كرباتهم وتابعوا إمدادهم بالتبرعات، وواسوهم فقد وجب حقهم ونصرهم.
ونوه فضيلته : ويذكر في التاريخ ويشكر لقيادة هذه المملكة، عقد قمة عربية إسلامية، اتخذ فيها قرارات تدين العدوان الصهيوني على غزة، وعلى حرب الإبادة للأطفال والنساء والشيوخ، وتطالب هذه القمة المجتمع الدولي بإيقاف هذه الحرب الظالمة فوراً على غزة وعلى أجزاء فلسطين، كما يذكر ويشكر لهذه الدولة فتح باب المساعدات والتبرعات الإنسانية، التي دعت إليها في هذه القمة جميع الدول، نصرة لقضية فلسطين، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة، ووقوفا مع المظلومين، فأهل فلسطين ليس لهم إلا الله ثم أمة الإسلام، ولا يحفظ المسلمين من شرور انفسهم إلا تقوى الله عز وجل، والإيمان بالله، ومن كان الله معه لا يخاف عليه، كما لا يحفظ من شرور الأعداء إلا الصبر وتقوى الله تعالى.
واختتم فضيلته الخطبة بقوله: أيها المسلمون: اعتصموا بالله جميعا ولا تفرقوا، وانتفعوا بما مر عليكم من الأحداث والعبر، وليحذر المسلمون من التفرق والاختلاف، وعليهم بالاجتماع والائتلاف، فالاختلاف والتفرق ضعف وخطر على الدين والأوطان، والاجتماع قوة وعز، وجرت سنة الله ورحمته أن الله ينصر أصحاب الحق من الظالمين، ينصر أصحاب الثبات والصبر اليقين