عن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه قال: " جاء رجل يتخطى رقاب النّاس يوم الجمعة والنّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب، فقال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اجلس ، فقد آذيت) "أخرجه أبو داود
دل هذا الحديث :- على نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن تخطي رقاب الناس أثناء خطبة الجمعة ؛ لأن ذلك يؤذي الجالسين .
والمراد بتخطي الرقاب : أن يرفع المتخطي رجله فوق مناكب الجالسين .
☀ حكم المرور من خلال الفُرج والفراغات التي تكون بين الجالسين بدون تخطي رقابهم فليس منهيًا عنه .
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "ومتى كان بين الجالسين فرجة ، بحيث لا يتخطاهما ، جاز له أن يمشي بينهما ، فإن تماست ركبهما بحيث لا يمشي بينهما إلاّ بتخطي ركبهما كره له ذلك ، فإن كانا قائمين يصليان ، فمشى بينهما ولم يدفع أحداً ، ولم يؤذه ، ولم يضيق على أحد جاز ، وإلاّ فلا " انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (8/ 206).
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (5/96) .
"قوله: أو إلى فرجة أي: مكان متسع في الصفوف المقدمة، فإن كان هناك فرجة، فلا بأس أن يتخطى إليها.
☀ الحكمة من المنع من تخطي الرقاب
اولاً : أنَّ في قول رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للمُتخطِّي يومَ الجُمُعة: ((آذيتَ وآنيتَ))- بيانًا أنَّ التخطِّي أذًى، وأنَّه لا يحِلُّ أذَى مسلمٍ بحالٍ في الجُمُعة وغيرِ الجُمُعة
ثانيًا: أنَّ في تَخطِّيه للرِّقابِ أذيةً للنَّاس، وإشغالًا لهم عن استماعِ الخُطبةِ؛ إشغالًا لِمَن باشَر تخطِّي رقبتِه، وإشغالًا لِمَن يراه ويُشاهِده؛ فتكونُ المضرةُ به واسعةً
☀ حكم تخطي الرقاب
قال الشوكاني:[ وقد اختلف أهل العلم في حكم التخطي يوم الجمعة،فقال الترمذي حاكياً عن أهل العلم إنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشددوا في ذلك . وحكى أبو حامد في تعليقه عن الشافعي التصريح بالتحريم.وقال النووي في زوائد الروضة:إن المختار تحريمه للأحاديث الصحيحة.واقتصر أصحاب أحمد على الكراهة فقط] نيل الأوطار 5/345.
☀ هل تخطى الرقاب يعم غير يوم الجمعة؟
وقد اجاب عن هذا الاستفسار فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ؟
فقال : نعم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فرأى رجلاً يتخطى الرقاب فقال: (اجلس فقد آذيت) فجعل العلة في الأمر بالجلوس الإيذاء، وهذا يشمل الجمعة وغير الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: اجلس فإنه يوم الجمعة، قال: (اجلس فقد آذيت) إذاً: فمتى حصل الإيذاء فإن الإنسان ينهى عن تخطي الرقاب
والله الموفق .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .