بعد موجة شهادات الدكتوراه المزورة التي شهدها المجتمع ، بدأت ظاهرة جديدة تغزوه تتمثل هذه المرة في مدعي العلم والمعرفة بكافة الأمور والقضايا ، بدأ من معرفتهم بتمديدات الصرف الصحي مرورا بمعرفتهم بميكانيكا السيارات والمعدات ، وصولا لمعرفتهم بتربية الأغنام والمواشي ، وانتهاء بقدرتهم على التحليل الاقتصادي والأدبي !
ومثل هؤلاء أصبحنا نقرأ رسائلهم ونسمع أصواتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة حينما يتحدثون عن بعض الأمراض التي تصيب البعض فيدعون قدرتهم على علاجهم ، وتارة نسمعهم يتحدثون عن أثر ارتفاع الدولار وانخفاضه ، وإن سالتهم عن الفرق بين الدولار الأمريكي والكندي لوجدت أنهم لا يعرفون أن العملة الكندية هي الدولار ، ويأتي من بينهم من يتحدث عن مسببات أمراض القلب والسمنة ، وقدرتهم على علاج المصابين بها !
والأروع في مدعي العلم والمعرفة ادعاؤه بالقدرة على وضع دراسات تحليلية للقصائد الشعرية ، وإن سالته عن شعر ابن زيدون ، لوجدته يقول إنه ابن خلدون ولا يعرف الفرق بينهما .
ولا غرابة أن نسمعه يتحدث عن أسعار الأسهم وأسباب ارتفاعها وانخفاضها ، وإن سألته عن شركة أرامكو وأسعار أسهمها لوجدته لا يعرف أين موقعها !
والحقيقة أن مثل هؤلاء الأشخاص هم نتاج سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي ، والتي جعلت منهم عباقرة بعقول صغيرة ، وأصيب المجتمع بهم نتيجة لرسائلهم اليومية المزعجة ، وكم أتمنى أن يتقنوا أولا الكتابة فلا تكون الكلمات العشر مليئة بأكثر من عشرون خطأ إملائي .
والمؤسف أن من يدعي العمل والمعرفة بالأمور ، لا يحمل أي معلومة مؤكدة ، وما يتحدث به إنما يستهدف البروز أمام المجتمع كصاحب علم ومعرفة وخبرة ، معتقدا أن هذه الأعمال ستمكنه من الحصول على مكانة لافتة له ، وحضور قوي ومميز ، متناسيا أن من حوله يدركون كذبه .
ومثل هذا يذكرني بما كتبه الزميل خالد وهيب تحت عنوان " عائلة ( مفلسعة ) " ، إذ قال : ( المفلسع ) " بالعامية الدارجة تعني الشخص غير المتزن ( الفاصل ) ، الذي سعة الإدراك والأستيعاب لديه ( بح ) يعني ( مفيش ) على قولة أخواننا المصريين " .
و " إذا واجهت شخص وعلمت بعد ذلك من تصرفاته أنه ( مفلسع ) ، توجه إلى الله بالدعاء وأسأله أن يخارجك منه بسلام ، حتى لا تتورط معه لأنه بصراحه ( بلشه ) " . وندعو الله أن يشفي كل مفلسع لا يملك من المعلومات شيئا حتى لا يؤدي تصرفه لإدانته بالكذب والتحايل والإساءة للآخرين .
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com