صراع الصمت :
ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة التنمر في المدارس، ويعد التنمر واحدًا من أشكال العنف والإيذاء. الذي يمارس عملية التنمر يكون أقوى من الآخر، وغالبًا يكون التنمر في صورة إيذاء لفظي أو بدني أو تحرش. حيث تظهر أن الشخص المتنمر يتعمد التقليل من قيمة الشخص الآخر وإخافته وتهديده.
لماذا أصبح المتنمر متنمراً ؟
الشعور بالغيرة يمكن اعتباره أحد الأسباب التي تؤدي إلى التنمر، فقد يحاول بعض الأشخاص الذين يشعرون بالغيرة من شخص معين لشعبيته وحضوره الجيد بين الآخرين، ممارسة التنمر عليه لأنهم يرغبون بأن يصرفوا الانتباه عنه.
فالحصول على الأشياء بطريقة سهلة، عادةً ما يلجأ المتنمرون لسلوكاتهم للحصول على بعض الأشياء التي يريدونها من الآخرين، وفي كلِّ مرة يحصلون على ما يريدونه يزداد حماسهم لأن يكرروا نفس السلوك، ويمكنهم ذلك من خلال تخويف الآخرين وفرض سيطرتهم عليهم.
فغالبًا المشاكل الأسرية تؤدي إلى اكتساب الطفل لسلوك التنمر وتحويله إلى شخص عدواني، خصوصًا عندما يتعرّض الطفل نفسه لعنف جسدي أو لفظيّ من قِبل ذويه، ويمكن اعتبار أنّ المتنمر نفسه في هذه الحالة هو بالأصل ضحية للتنمّر.
لوحظ أن بعض المتنمّرين يرغبون بكسب إعجاب الآخرين عبر إضحاكهم وتسليتهم من خلال التنمّر على غيرهم لغرض لفت انتباه الآخرين لهم.
يحب بعض الأشخاص اكتساب القيادة والقوة، ويحبون أن يكونوا المسيطرين دائمًا على الحلقة الأضعف منهم، ويستمتعوا بفعل هذا على الأغلب، ولهذا قد يكون حب التسلط وإظهار القوة دافعًا للتنمر رغبة بالقيادة وحبّ الذات والأنانية.
مصاحبة أصحاب السوء تؤدي إلى فقدان الحماس للتعلم، والخمول، والقيام بالأمور التي تخترق الأعراف الاجتماعية.
ماذا يحدث بعد التنمر؟
الآثار النفسية: يعاني الطلاب الذين يتعرضون للتنمر من آثار نفسية قوية، مثل القلق والاكتئاب، والشعور بالعجز وفقدان الثقة بالنفس، مما يؤدي إلى تدهور الصحة العقلية والانطواء الاجتماعي.
الآثار الاجتماعية: الشعور بالعزلة وصعوبة في التواصل مع الآخرين، والشعور بالخوف والتردد في المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، مما يؤثر على تطورهم الاجتماعي والعاطفي، وقد يؤدي التنمر إلى فقدان الأصدقاء وتدهور العلاقات الاجتماعية.
الآثار الأكاديمية: قد يؤثر التنمر المدرسي على أداء الطلاب بشكل سلبي، لأنهم يشعرون بالتوتر والتشتت الذهني، مما يجعلهم يركزون أقل في الدراسة ويحققون نتائج أقل جودة، وقد يؤدي هذا التأثير إلى تراجع تحصيلهم الدراسي وفقدان الفرص التعليمية.
الآثار الجسدية: في بعض الحالات الشديدة، يمكن أن يتطور التنمر المدرسي إلى التنمر الجسدي، حيث يتعرض الأطفال للضرب أو الإيذاء الجسدي، مما يسبب إصابات وآلام جسدية، ويمكن أن تترك هذه الآثار الجسدية ندوبًا نفسية وجسدية طويلة الأمد.
أنواع التنمر :
التنمّر الجسدي: أي الضرب، والدفع، والعرقلة، والقرص، وإيقاع الآخر وغيرها، وقد يكون لهذا النوع من التنمّر آثار قصيرة وطويلة المدى.
التنمّر اللفظي: وهو ما يشمل النعوت، والتلقيب، والإهانة، والترهيب، والتجريح، والتهديد، والتعيير، والتعييب.
التنمّر الاجتماعي: هدفه الإساءة إلى سمعة الشخص اجتماعيًا ومنه الإشاعات، والكذب، والإحراج، وتشجيع الآخرين على نبذ الشخص اجتماعيًا.
التنمّر على الإنترنت: عبر وضع أمور مهينة للشخص سواء علنًا أو بالسر، مثل رسائل، وصور، وفيديوهات، وتشويه سمعة، أو رفض مصادقته عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
التنمّر العرقي: وهو التنمّر على عرق أو دين أو لون أو جنس الشخص الآخر، وقد يصل هذا النوع من التنمّر إلى شمل كل أنواع التنمّر المذكورة أعلاه وإلى حدّ القتل.
معاناة طالب :
كان هناك طالب في إحدى المدارس، وكان طفلًا لطيفًا ومجتهدًا، لكنه كان يعاني من مشكلة خطيرة وهي التنمر. حيث كان الطلاب الآخرون يستهدفونه بتنمرهم المتواصل والسلبي، يستخدمون الألفاظ القاسية، يسخرون منه ويستهزئون بمظهره وهواجسه الشخصية. لم يجد الطالب طريقة للدفاع عن نفسه، وبدأ يشعر بالقلق والاكتئاب. تأثرت درجات الطالب ورغبته في التواصل مع الآخرين تضاءلت، وكان يشعر بالعزلة والضياع والشعور القوي بعدم القبول.
مع ذلك، قرر الطالب أن يقاوم التنمر. فبدأ يبحث عن الطرق التي يستطيع بها تعزيز ثقته في نفسه، وقام بالتحدث مع معلمه والبحث عن الدعم من أفراد العائلة والأصدقاء. كما بدأ في ممارسة النشاطات الإيجابية وتطوير مهاراته واكتشف أوجه قوته الشخصية.
مع مرور الوقت، بدأت ثقته في نفسه تتزايد، إلى أن أصبح قادرًا على التعامل مع التنمر بشكل أفضل وأكثر ثقة. وأصبح يتحدى الألفاظ القاسية ويعبر عن مشاعره واحتياجاته. توقف التنمر تدريجيًا، ثم أدرك الطلاب الآخرون أن الطالب لم يعد يعطيهم فرصة للتنمر به. ولقد أصبح يتقبل نفسه ويعمل على تحقيق أهدافه دون أن يسمح للتنمر بعرقلته.