تشرفت قبل أيام بزيارة أحد الأصدقاء في منزله ، وتوقفت أمام مكتبته الخاصة التي ضمت بين أرففها مجموعة من الكتب التاريخية والأدبية التي شدتني بعناوينها ومؤلفيها ، وتذكرت حينها المكتبات وما عاشته من ازدهار وتطور في الماضي ، وما تعانيه اليوم من غياب وأضح لروادها ، كما تذكرت محاضرة كنت قد قدمتها بمكتبة الحرم الشريف ، تحت عنوان ( ثقافة المكتبات في تعزيز المجتمعات ) ، ويومها جعلت المحاضرة موزعا على أجزاء ثلاث هي :
الثقافة وفيها عرفت الثقافة وفقا لما تناوله بعض علماء الاجتماع
وفي الجزء الثاني عرفت المكتبات وبداياتها الأولى ، وأنواعها ، وتناولت دور هيئة المكتبات السعودية في الحفاظ على المكتبات وتطويرها .
أما في الجزء الثالث والخاص بالمجتمعات ، فتحدثت عن الآثار الإيجابية للمكتبات في تعزيز ثقافة المجتمعات .
وإن كانت المكتبة تعرف بأنها " مؤسَّسة علميَّة، وثقافيَّة، وفكريَّة، واجتماعية، وتربويَّة، هدفها جمع مصادر المعلومات وتنميتها بالطُّرق المختلفة، مثل الشراء والتبادل، والإهداء، والإيداع، وتنظيمها من خلال فهرستها، وتصنيفها، وترتيبها على الرُّفوف، ليسهل استرجاعها بسهولة وفي أقصر وقت مُمكن، وتُقدِّم خدماتها لجميع أفراد المجتمع الذين يحتاجونها، من خلال خدمات الإعارة والدوريات والتصوير والمراجع، والإحاطة الجارية، والبث الانتقائي للمعلومات، بالإضافة للخدمات المُحوسبة عن طريق كادر بشري مؤهَّل علميًّا وفنيًّا وتقنيًّا، في مجال علم المكتبات والمعلومات "
فقد عرفها قاموس أكسفورد بانها " عبارة عن غُرفة أو مجموعة الغُرف، وتحتوي على مجموعة من الكُتب والمواد الأُخرى، بهدف استخدامها من قِبل عامَّة الناس، أو فئات مُخصَّصة، أو مجموعة تابعة لهيئة أو جمعية أو ما شابهها "
والمكتبات ليست حديثة النشأة فقد ظهرت في حضارات بلاد الرافدين وأرض النِّيل ؛ وأشهَر مكتبة هي مكتبة «آشور بانيبال» التي كانت دارًا لحفظ السجلات والمحفوظات؛ كما أنَّ المصريين القدماء أسَّسوا مكتبات عديدة، منها: مكتبة رمسيس، ومكتبة أتفو، وساعدَ في ذلك أنَّ مصر كانت مصدرَ مادَّة الكتابة في القديم، فكان يُعتمَد في ذلك على ورق البردي.
وقد حرصت الدولة ـ أيدها الله ـ على المكتبات ودورها فتم تأسيس هيئة المكتبات في فبراير 2020م ، كواحدة من الهيئات التابعة لوزارة الثقافة ، لتتولى مسؤولية تطوير قطاع المكتبات من خلال تنظيماتها واختصاصاتها الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 398 بتاريخ 10/06/1441هـ .
وتضم مكة المكرمة العديد من المكتبات العامة والخاصة ومن أشهرها وأقدمها مكتبة الحرم المكي الشريف ، والتي تناولها الدكتور محمد بن عبدالله باجودة في كتابه " نثر القلم في تاريخ مكتبة الحرم " ، أهيمتها وتأريخها وأوضح أنها " إحدى أهم المكتبات في العالم حيث تقع بمكة المكرمة قبلة المسلمين وهوى افئدتهم التي تضم بين جنباتها نتاج أفكار جهابذة العلم، فقد كثر السؤال عن تاريخ هذه المكتبة.. “، وهذه المقولة تؤكد على أن مكتبة الحرم من أقدم وأرقى المكتبات على مستوى العالم، وتذخر محتوياتها بأمهات الكتب والمخطوطات.
وما يؤلمني ليس جهل الكثير من الشباب والفتيات بدور المكتبات في تنمية الثقافة ، بل في غياب شباب مكة المكرمة وفتياتها عن زيارة مكتبة الحرم المكي الشريف والاطلاع على محتوياته ، وأملي أن تسعى جامعة ام القرى لحث طلابها وطالبتها على معرفة مكتبات مكة المكرمة من خلالها مطالبتهم بضرورة إعداد بحوث ميدانية عن المكتبات ودورها في تنمية الثقافة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com