عِنْدَمَا كُنَّا صِغَارًا ، وفى مقتبل اعمارنا وقلوبنا صفحاتها بيضاء ناصعة البياض ، تَحَدَّثَ أُمُورَ وَوَقَائِعَ سَعِيدَةً منها ماكنا نسميه (سابع) ، وهو احتفال لولادة مولود جديد سواء ذكر أوأنثى، تَجِدُنَا مِنْ أَسْعَدِ اَلْحُضُورِ فرحين مستبشرين ، والفتيات كذلك فرحات مستبشرات بلباسهن وقد تزينا بالحناء فى اليدين وعقود الورد المدينى حول الاعناق يتخللها بعض ورد الياسمين برائحته العطره ، وَتَحْضُرَ اَلْهَدَايَا من قبل المدعوين ، وغالبا تقام المناسبه من بعد صلاة الظهر الى المغرب ، ويكون الجميع سعداء ، وَتُقَدِّمَ وَجْبَةُ اَلْغَدَاءِ المكون عادة من (الرز البخاري والذي يخلط معه بعض الابازير وقشر البرتقال الناشف والبليله الحمص) ، والبعض يضيف حبات الزبيب الجاف ، كَمَا يُقَدِّمُ (التبع) المكون من البوف او والسمبوسه باللحم الضانى المفروم ، كذلك الحلا المكون من (التطلي والالماسيه) المضاف اليه الحليب وقطر الموز لتحسين النكهه والطعم مع اضافة السكر والالماسيه من الجلي تضاف اليها بعد اذابتها فى الماء الساخن انواع من المشروبات الملونه مثل التوت والبرتقال وغيرها حسب الرغبه
كما لا ننسى من حلويات المناسبة (الطلمبة) بشكلها الأسطواني الجميل بعد صناعة عجينتها المكونة من الدقيق الأبيض وصفار البيض البلدي وتكبس باداة خاصة لتخرج بشكلها الأسطواني ثم توضع في إناء القلي (الصاج) لقليها حتى تكتسب اللون الذهبي أو البرتقالي الزاهي وتخرج من الصاج لتصفى من السمن البلدي أو (أبو شوكه وملعقة) ، وبعد انتظار لفترة قصيرة يتم غمسها داخل إناء مملوء تسمى( الشيرة ) وهي شراب مكون من الماء والسكر وبعض النكهات من حبات الهيل حتى تمتزج وتتماسك بلزوجتها وتكون جاهزة لاستخدام، وبعض إخراجها من اناء (الشيره) تكون جاهزه للاكل
ومنْ المشاهدِ التي كانتْ تقلقنا ونحنُ صغارٍ عندما يحضر الحلاق بحقيبته التي يحمل داخلها عدة أنواع من الأمواس ، والمقصات ، وغيرها ادوات مهنته ، نقف ونشاهده وهو يحلق للطفل الرضيع المحتفى به يوم (سابعة) تتغير الأمور عِنْدَمَا يَبْدَأُ اَلْخُطْوَةَ اَلتَّالِيَةَ وَالصَّعْبَةَ وهي الطهار - أجلكم الله- ، ويبدأ الرضيع بالبكاء المتواصل والدماء تسيل ، مما يدخل في قلوبنا الخوف والارتباك من هذه المشاهد ، علما بأن بعض الآباء يمنعون الصغار من متابعة هذا الحدث بسبب منظر الدماء ولو كانت يسيرة، وتعتمد نهاية الدراما على خفة يد الحلاق المطهر وسرعته وخبرته فتجد البعض يده ثقيلة مما يزيد من ألم المولود وبكائه بشدة والبعض يده خفيفة ومتمرس وخبير حتى أننا نستغرب من قلة بكاء المولود
والمولود أو المولودة يُجْهِزَ لَهُمْ "الهندول" حيث يوضع فيه بعد (استحمامه) ولفه في قطعة قماش مجهزة مع قطعتي قماش لربط قطعة القماش (الكوفله) ويكون في أجمل هيئة من تكحيل عيونه إلى رسمه على جبينه من ناحية الزينة ويعطر وينثر الورد المديني حوله بعقود متراصة وبشكل جميل ، وهذه العادات لا تنطبق على الجميع وإنما غالبية أهالي المدينة يمارسونها، واعتادوا عليها ويسمى المولودُ يومَ السابعِ منْ ولادتهِ ويحضر الأهالي والأحباب والأصحاب ومعهم الهدايا والوفود حسب الامكانيات المتاحه وللتهنئه والمباركه، وخالص الدعاء من الله ان يحفظ المولود ويقوم والدته بالسلامه وتنتهى المناسبه مغرب ذلك اليوم للنساء والرجل من بعد صلاة الظهر الى العصر
وفي اليوم الأربعين من ولادة الرضيع تذهب به عصرا إلى المسجد النبوي الشريف للصلاة والعبادة وشكر الله تعالى علو ما أنعم عليها من رزق بولادة طفلها وسلامتها
الاحتفال بالمواليد في طيبة الطيبة لها مذاق خاص ، وفعاليته جميلة جدا ، وكل من حضر وشارك يشعر بالسعادة والتكافل الاجتماعي الجميل ، خاصة عندما يتم تجهيز بعض الغرف والقاعات والدواوين مفروشة وجاهزة من الجيران لضيوف المناسبات لجيرانهم ، وكذلك بعض الأواني من صحون ، وملاعق ، ونبتات حامله لكؤوس المياه وكل ما يفيد للقيام بالمناسبة دون تقصير من جميع جيران الحي الواحد
هذا ما في ذاكرتي منْ الأيامِ الجميلةِ بكلِ ما تعنيهُ الكلمةُ معَ الطيبينَ - رحم الله- من توفى منهم ونسأله – تعالى- أن يطيل في عمر الباقين منهم ويمنحهم الصحة والقوة والسعادة