طغى الحماس على ملامح زميلي الذي أخذ يصف توتره سابقاً عند السباحة لو اقترب معدل المياه من ذقنه، ليتحول اليوم إلى مدرب في الغوص. كل هذا بسبب لقاءه بإمرأة ستينية وُلدت بعيب خُلقي في أحد قدميها في رحلة غوصٍ، أخذه أصدقاءه إليها عنوة في شرم الشيخ عام 2011. كانت هذه السيدة الإنجليزية تمارس رياضتي الغوص وركوب الخيل، وتجيد قيادة الطائرات المروحية، رغم صعوبة ماتمر به من وجهة نظره، واستطاعت السيدة أن تشحنه بطاقة مكنته من احتراف ما كان يخشاه. وخلق لنفسه متنفساً يحمله بعيداً عن ضغوطاته.
كان يتحدث بشغف متقد، وكانت هذه المرة الأولى التي أراه مستعداً على الحديث لساعات ولا ينهي جمله على عُجالة، وبدى لي مستعداً لأن يشارك العالم كل ما يعرفه عن فن الغوص. لكنه عاد يلملم أطراف حديثه لينهيه، وكأنه يظن أن هنا ليس المكان المناسب للحديث عن ما يشحننا نحو الحياة، وكأن هناك رقابة على الشغف.
يجعلنا هذا الحديث نفكر في وقع اللحظة التي نتكتشف فيها أن ما نكرر فعله كل يوم لا يزيد مشاعرنا إلا تبارا. وأن هناك مكاناً آخر وحياة آخرى تتمنى لو أنك كنت تملك رفاهية أن نعيشها. وفي هذه اللحظةلابد ان نستوعب أهمية تبني هواية بعيدة عن الروتين والمهام، لنتمكن من النجاة من الضغوطات المتسارعة. أخيراً لابأس أن تنأى بهوايتك ونفسك عن كل شيء، لتنجو من شبح الاحتراق، وهاجس الاكتئاب، فحياتنا المتسارعة وضغوط العمل والأسرة تستوجب الحصافة والوعي، والله المستعان.