نواكشوط (مكتب الصحيفة) - باباه الحافظ  

انتقل إلى جوار ربه يوم الإثنين الــ12 من شهر فبرابر الجاري  ، الشيخ الشيخ حمدن ولد التّاه أحد أبرز علماء الشّريعة الإسلامية في موريتانيا ألا وهو العلاّمة حمدن ولد التّاه.
الشيخ “حمدن” كان محظرة متنقلة لا يُشقّ له غبار في مختلف العلوم الشّرعية وفي سائر علوم اللغة العربيّة، كان حضوره في منابر الإفتاء حضورا متميّزا نظرا لتمكّنه من استحضار الفتوى بجدارة وتعلّق الجمهور بفتاويه المعتمدة على التّأصيل البيّن المُسند إلى الكتاب والسّنة المطهّرة. ولقد عمل – تغمّده الله برحمته الواسعة – على إثراء فقه الواقع في هذه الرّبوع، وساهم في تطوير فقه نوازل المصارف الإسلاميّة. ولقد مارس التّدريس في مستهل نشاطه الوظيفي وتقلّد العديد من الوظائف السّامية كما شارك بجدارة في العديد من النّدوات والمؤتمرات الدوليّة.
نشأ العلاّمة حمدن ولد التّاه في بيئة علم وأدب وتعلم، ولقد كان محيطه الاجتماعي يتعاطى العلم الشّرعي والأدب الرّفيع مذاكرة وتدريسا ومطارحة. ولقد تضلّع من علوم المحظرة فقرأ مدوّنات الفقه المالكي وتمهّر في علوم اللغة العربية فتخرّج من المحظرة بامتيّاز. ولقد درس علم المنطق ودرّسه وبرع في تدريس علم البلاغة إلى حدّ بعيد، كما كانت له اليد الطّولى في علم التّوحيد وعلم العقيدة بشكل عام.
ابتعثته الحكومة الموريتانية في مستهلّ نشأتها للدّراسة في تونس وعاد منها حاصلا على شهادة معتبرة.
وفي سنة 1971 إلى 1975 للميلاد، شغل منصب مدير التّوجيه الإسلامي ثم وزير الشّؤون الإسلاميّة سنة 1975 إلى 1977، ثم سفيرا مكلّفا بالشّؤون العربية والإسلاميّة ثم مدير التّوجيه الإسلامي مرّة أخرى سنة 1978 للميلاد حتى سنة بلوغه سنّ التّقاعد 1988 للميلاد. بعد تقاعده عيّن سنة 1997 للميلاد عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى ثم عضوا في المجلس الأعلى للفتوى والمظالم سنة 2012 للميلاد، كما انتخب أمينا عاما لرابطة العلماء الموريتانيين، حيث تركز نشاطه في العقد الأخير من حياته على العمل الاستشاري في مجال المعاملات الإسلامية، فعمل مستشارا شرعيّا لعدة هيئات ماليّة ومصرفيّة من بينها: بنك البركة الإسلامي في موريتانيا والبنك الإسلامي الموريتاني “موريس بنك” وغيرها كالصناديق الشّعبية للادّخار.
أبقى لنا الشّيخ حمدن ولد التّاه العديد من التّآليف النّافعة من أهمها: اختصار موافقات الشّاطبي، جدولة مختصر خليل بن إسحاق المالكي، نظم الثّقلاء، جدولة المنطق، جدولة علم البلاغة والأصول، تلخيص الخلاصة، تلخيص الإتقان في علوم القرآن، نظم في أحكام المساجد، منظومة المستجدّات الفقهيّة…إلخ.
ناهز عمر الشّيخ حمدن ولد التّاه 92 سنة ودُفن في الجنوب من ولاية التّرارزة في مدفن جدوده يسمّى “المدروم”.
وللتّذكير فقد تهاطلت عليه المراثي من الدّاخل والخارج، تُشيد بمكانته المعرفية ودوره البارز في الدّفاع عن ثوابت الأمة الإسلامية وما بذله من جهد رفيع للتعريف بموريتانيا وجعلها تحتل الصّدارة في شتّى المجالات.