اعتدت بين الفينة والأخرى أن أتنقل بين أرفف مكتبتي ، قارئا لبعض محتوياتها من التاريخ والأدب كلما أحسست أني بحاجة للاستمتاع بلمس الكتب الورقية .
ولعشقي للشعر والاستمتاع به ، فقد وجدت نفسي وأقفا أمام الشاعر العراقي معروف الرصافي ، الذي نحت له الفنان التشكيلي العراقي إسماعيل فتاح الترك تمثالا تم وضعه في تقاطع شارع الرشيد ، متنقلا بين صفحات ديوانه " ديوان الرصافي " والذي يضم أحد عشر باباً في الكون والدين والاجتماع والفلسفة والوصف والحرب والرثاء والتاريخ والسياسة وعالم المرأة والمقطعات الشعرية الجميلة.
وجاءت وقفتي أمام وصفه لأرملة وبنتها الصغيرة، توفي زوجها وتركهما بين الفقر والبؤس ، وترجم جمال أسلوبه ، وحسن بلاغته ، ورقة إحساسه ، في وصفه حال الأرملة وابنتها بقوله :
لقيتها ليتني ما كنت ألقاها
تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها
أثوابها رثة والرجل حافية
والدمع تذرفه في الخد عيناها
بكت من الفقر فاحمرت مدامعها
وأصفر كالورس من جوع محياها
مات الذي كان يحميها ويسعدها
فالدهر من بعده بالفقر أشقاها
الموت أفجعها والفقر أوجعها
والهم أنحلها والغم أضناها
فمنظر الحزن مشهود بمنظرها
والبؤس مـرآه مقرون بمرآها
تمشي وتحمل باليسرى وليدتها
حملا على الصدر مدعوما بيمناها
ما انس لا انس اني كنت اسمعها
تشكو إلى ربها اوصاب دنياها
تقول: يا رب لا تـترك بلا لبن
هذي الرضيعة وارحمني وإياها
كانت مصيبتها بالفقر واحدة
وموت والدها باليتم ثناها
هذي حكاية حال جئت أذكرها
وليس يخفى على الأحرار مغزاها
وفي قصيدة أخرى يتحدث عن
وفي قصيدة أخرى يوضح دور العلم في الإسلام مبينا أن العلم في الإسلام لا يعني العلم بأحكامه وآدابه، بل حتى بالعلم الكوني، أو العلم المادي ، وأن الإسلام جاء شاملاً لضروب النشاط الإنساني كافة .
ويقول الرصافي :
يقولون في الإسلام ظلماً بأنه
يَصُدّ ذويه عن طريق التقدم
فإن كان ذا حقّاً فكيف تقدّمت
أوائله في عهدها المتقدم
وإن كان ذنب المسلم اليوم جهله
فماذا على الإسلام من جهل مسلم
هل العلم في الإسلام إلاّ فريضة
وهل أمة سادت بغير التعلُّم
لقد أيقظ الإسلام للمجد والعلا
بصائر أقوام عن المجد نُوَّم
وحلّت له الأيام عند قيامه
حُباها وأبدت منظر المتبسّم
فأشرق نور العلم من حَجَراته
على وجه عصر بالجهالة مظلم
ودّك حصون الجاهلية بالهدى
وقَوّض أطناب الضلال المخيّم
وأنشط بالعلم العزائم وابتنى
لأهليه مجداً ليس بالمتهدّم
وأطلق أذهان الورى من قيودها
فطارت بأفكار على المجد حُوَّم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com