من نواميس الله الكونية أن يصاب كل من يعيش على هذه الأرض بالمرض ، والبشر منذ بدء الخليقة وهم يبحثون عن علاج تلك الأمراض، ففي كل زمان يسخر الله أطباء أكفاء قادرين على علاج الأمراض بما وهبهم الله من قدرات وإمكانات ، ومع تقدم الزمان يتقدم الطب والعلاج وبخاصة علاج الأمراض المزمنة .
وفي زمن مضى كان الإنسان يصاب بالحمى وتتضاعف حالته ويقف الطب عاجزاً عن علاجه ثم يفقد روحه بعد ذلك ، ولكن اليوم مع تقدم الطب والعلماء والممكنات من أجهزة تساعد على علاج المرضى فقد تماثل الناس للشفاء وقلت حالات الوفاة بتوفيق من الله وتسخير .
إن الإنسان يجد صعوبة في الصبر على المرض ولاسيما إذا أنهك جسده وضج به مضجعه فلايستطيع أن ينام في هجعة الليل ولا أن يكسب رزقه في وضح النهار، فيبحث عن الطبيب والمعالج الذي يعيده إلى الحياة والنشاط بعد توفيق الله عزوجل الذي خلقه وخلق الكائنات الحية بصورة معقدة جداً، فلو اجتمعت البشرية على أن يخلقوا مثله لما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، كما جاء في كتاب الله قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾، وعندما يصاب الإنسان بالمرض ولاسيما المزمن منها والمستعصي؛ فإنه يبدأ رحلة العلاج والتعافي فيكون قلبه متعلقاً بالله الشافي ثم بالأسباب البشرية والمادية و يتجه إلى المنشآت الصحية لطلب العلاج ، ونحن في وقتنا الحاضر أصبح العلاج بعد فضل الله عز وجل ثم جهود دولتنا الرشيدة ـ أيدها الله ـ متوافراً وفي متناول اليد على أيدي أطباء حاذقين ومتمكنين في جميع التخصصات من أبناء الوطن ومن دول العالم كافة.
إن جهود المملكة العربية السعودية في هذا المضمار كبيرة وضخمة ،حيث تقدم خدمات عالية الجودة للمواطن والمقيم وتعمل كذلك على تمكين وزارة الصحة لتقديم أفضل الخدمات والرعاية الطبية الكاملة للمرضى ، وتنطلق المملكة في ذلك من مبدأ تحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين وزوارها ، كما مكنت المنشآت الصحية في القطاع الخاص و القطاع غير الربحي لتقديم الخدمات الطبية والوقائية والتوعوية ، حيث اهتمت الرؤية الإستراتيجية الوطنية 2030 بهذا الجانب وخصصت له هدفاً مهماً وهو تمكين حياة عامرة وصحية والتي انطلقت منها مجموعة من الأهداف الفرعية كالارتقاء بالخدمات الصحية وتعزيز نمط الحياة صحياً، وتفرع منها مؤشرات قياسية لتحقيق الأهداف، وامتثلت وزارة الصحة وشركاؤها من المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة وكذلك الجمعيات الصحية غير الربحية بهذه الأهداف والمؤشرات لتحقيق أثر أعمق ، ومن أبرز الجمعيات الوطنية غير الربحية جمعية عناية الصحية بمدينة الرياض التي تأسست عام 2007م وبلغ عمرها مايقارب 17 سنة تعمل داخل وخارج المملكة وعطاءاتها ومبادراتها متجددة ومتوافقة مع رؤية وإستراتيجيات المملكة العربية السعودية ومنظمة الصحة العالمية وأهداف التنمية المستدامة ، ولديها مجمع طبي غير ربحي كاستثمار اجتماعي بحي السويدي في مدينة الرياض، ومستفيدوه من ذوي الدخل المحدود، ويزوره سنوياً أكثر من50 ألف مستفيد، ويعد أكبر حاضنة للأعمال التطوعية ويرتاده مايقارب من 150 استشارياً متطوعاً سنوياً لعلاج المرضى المحتاجين ، وهذه الجمعية الوطنية تجاوز عدد مستفيديها في البرامج العلاجية والوقائية والتوعوية 1 مليون مستفيدٍ بقيمة فعلية تجاوزت 300 مليون وقيمة اقتصادية تجاوزت نصف مليار، وعدد متطوعيها تجاوز 10 آلاف متطوع بعدد ساعات يقدر بـ 126 ألف ساعة وقيمة اقتصادية تجاوزت 13 مليون ريال ،كما تجاوز عدد فعالياتها الوقائية 450 فعالية بعدد مستفيدين تجاوز 400 ألف مستفيد ، وعدد برامجها الدولية تجاوز 30 برنامجاً في 6 دول منذ انطلاقه في عام 2022م ، كما استطاعت أن تحصد مجموعة من شهادات الشكر وجوائز التميز أبرزها جائزة الأميرة صيتة للتميز في العمل الاجتماعي، وهذه الجمعية (Enayah. sa) مرخصة من المركز الوطني غير الربحي برقم 364 ،ولم يكن لها أن تحقق مثل هذه النتائج لولا توفيق الله عز وجل ثم الدعم الكبير الذي تجده من دولتنا الرشيدة ـ أيدها الله ـ و المركز الوطني للقطاع غير الربحي والجهات الإشرافية بوزارة الصحة والمانحين، بالإضافة إلى الإسهامات والدعم المقدم من مجلس إدارتها بقيادة معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السويلم ورئيسها الفخري أمير منطقة الرياض سمو الأمير فيصل بن بندر -حفظه الله وبارك في عمره- ؛ حيث كانوا يداً بيضاء ليس على جمعية عناية فقط بل على القطاع غير الربحي ، فنسأل الله التوفيق لقادتنا وولاة أمرنا في مملكتنا العربية السعودية موفور الصحة والعافية وأن يجزل الله لهم الأجر والمثوبة وكذلك العاملين في وزارة الصحة والقطاعات الخاصة من مستشفيات ومراكز طبية والجمعيات الصحية غير الربحية .