في هذه الزاوية أتحدث كل يوم على مدار شهر رمضان المبارك بإذن الله عن شخصية تركت أثرا بارزا في المجتمع ، سواء كان هذا الأثر في مجال التعليم ، أو في المجال الاجتماعي ، أو الإعلامي ، فالهدف هو إشعار أبناء الجيل الحالي بالمعاناة التي وأجهت الرواد في حياتهم ، وكيف استطاعوا التغلب عليها .
عرف بالمجتمع بــــ ” بابا طاهر ” ، لكنه يعرف نفسه بغير ذلك ، إذ كثيرا ما يقول عن نفسه : ” أنا طاهر زمخشري، المعروف كما قيل عني: كومة من الفحم سوداء، تلبس ثيابًا بيضاء، تقول شعرًا قصائده حمراء وخضراء وصفراء” ، ولم تكن هذه المقولة التي يفخر بترديدها مقلقة له ، فقد كان يفخر بها وقالها أمام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ، ـ ولي العهد آنذاك ـ ، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ـ يرحمهم الله ـ يوم تسلمه جائزة الدولة التقديرية للأدب لعام 1405هـ – 1985م الجائزة من يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ، ـ يرحمه الله ـ في حفل التكريم الذي أقيم مساء يوم 8 شعبان 1405 هــ ، بقاعة الملك فهد للمؤتمرات في مدينة الرياض .
وطاهر زمخشري الذي أتحدث عنه اليوم ، قرات عنه القليل لكن تعلمت منه الكثير ، وكلما زرت تونس الخضراء تذكرته ، وتذكرت أولئك الأصدقاء الذين يشيدون به كشخصية أدبية سعودية عاشت فترة من عمرها في تونس .
وحينما تلقيت دعوة إقامة أمسية ” المسامرات الأدبية في تحضير البعثات ” ، أخذت ابحث عن مدخل للمحاضرة فوجدت أمامي مقولة للأستاذ طاهر زمخشري ـ يرحمه الله ـ عن المسامرات الأدبية بتحضير البعثات يقول فيها : ” جماعة المسامرات في عهد استاذنا الشيخ أحمد العربي واستاذنا الأستاذ عبد الله عبد الجبار وتحضير البعثات مدرسة ثانوية وحدة في المملكة العربية السعودية تسمى تحضير البعثات وكان الطلبة فيها لهم مسامرات يوم الخميس ولهم برامج يقدموا مسرحيات وروايات خطب وقصائد وكل أمسية يرتبوا لها برنامج، وكان سكرتير الجماعة معالي الشيخ إبراهيم العنقري ومن ضمن هذه الجماعة معالي الشيخ أحمد زكي يماني حسن مشاري عبد الله حبابي مجموعة من الوزراء بالعربي، في هذه الأيام جئت عائداً من مصر وبيدي ديواني (أحلام الربيع) أول ديوان لي وحبوا يكرموني، تكريم لشاعر أصدر أول ديوان وكتبوا على السبورة علامة استفهام وتحت علامة الاستفهام طاهر زمخشري ومغطاية كدا زي الستارة، وعندما بدأ السمر رفعت الستارة وفيها علامة الاستفهام وفيها طاهر زمخشري وإذا طاهر زمخشري عنوان محاضرة يكتبها معالي الأستاذ حسن مشاري ويقدمها معالي الأستاذ إبراهيم العنقري كانت هذه محاضرة جميلة جداً ومثيرة جداً في نفس الوقت، لأني كنت مشغول تلك الأيام في كتابة نقدات اجتماعية، فصوروني أني البس كدا وأنام تحت الفانوس وأجري بين الجراويل واسابق الغنم وما ني عارف ايه، يعني كانت محاضرة كاريكاتيرية، فأنا في هذا الموقف استعرض من مخيلتي مشواري كما يقولون الطويل، ووقفت عند أول خطوة علشان من كان نايم في أول الخطوة، ومن سموني طاهر زمخشري كومة من الفحم سوداء، وكلهم ولله الحمد من رجال الدولة ومن كبار الماسكين الحكومة ولله الحمد ”
والزمخشري ـ يرحمه الله من مواليد مكة المكرمة عام 1332 هــ ، تلقى تعليمه الأولي في « كُتَّاب النوري » للشيخ سليمان نوري ووالده الشيخ عبد المعطي إبراهيم النوري الكائن بحارة الباب ، ثم التحق بمدرسة الفلاح التي أنهى تعليمه فيها ، ليبدأ رحلته العملية في عدد من الوظائف الحكومية ، كموظف مؤقت بلجنة إحصاء النُّفوس ، لينتقل بعدها للعمل مدرس بدار الأيتام بالمدينة المُنوَّرة التي أصبحت فيما بعد دار التَّربية الاجتماعيَّة ، فكاتب ومصحح بالمطبعة الأميريَّة «المطبعة الحكوميَّة» «وجريدة أُمِّ القُرى» بمكَّة المُكرَّمة ، ثم سكرتيرا للمجلس الإداري بأمانة العاصمة بمكة المكرمة ، فسكرتير لبلديَّة الرياض ، وكان ضمن مُؤسِّسي بلدية الرياض، وبلدية الخرج والليث.
استقر بعدها في دار الإذاعة ، وفي الإذاعة قدم برنامجاً إذاعياً حمل اسم (ركن الأطفال) ، وارتباطه بالطفل جعله يعمل على تأسيس أول مجلة أطفال سعودية، وهي مجلة الروضة، التي صدر العدد الأول منها في 17 سبتمبر 1959م، لكنها لم تستمر فتوقفت عن الصدور بعد 27 عدد وتحديدا في 12 مايو 1960م، وتخصصه في الطفل بين الإذاعة والصحافة منحه لقب ( بابا طاهر ) الذي يسعد به .
وهو صاحب أول ديوان شعري مطبوع في تاريخ الشعر السعودي الحديث، وهو ديوان أحلام الربيع الصادر عام 1946م، صدرت له 30 ديوان شعري منها ديوان معازف الأشجان (1976م) والأفق الأخضر (1970م) ورباعيات صبا نجد (1973م)،
أقام فترة طويلة من حياته حياة في مصر ثم انتقل بعدها إلى تونس ، وهناك كرمته الحكومة التونسية ومنحته وسامين في عامي 1963م و1973م .
توفي يوم 2 شوال 1407 هــ ، ودفن في مكة المكرمة رحمه الله واسكنه فسيح جناته وغفر له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل
للتواصلashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com