ان تعيش تجاربًا مختلفة في حياتك تُعتبر إضافة، ولكن عندما تكون هذه التجارب مؤلمة، خصوصًا عندما تتحول ظروفك من الأفضل إلى الأسوأ، فإن ذلك يُشكل تحديًا آخر. يجعلك تبدو وكأنك تحاول التكيف وتحويل المحنة إلى منحة، والغربة إلى نزهة ، و"أنا" مُنْذُ أَنْ فَتَحَتْ عَيْنِي فِي هَذَا اَلْعَالَمِ اَلْوَاسِعِ ، أعيش شهر "رمضان المبارك" في مهوى أفئدة المسلمين وأقدس بقاع الأرض "مكة المكرمة" ، مسقط رأسي. تغيرت أحوالي وتبدلت ظروفي خلال تجربتي التي أعيشها منذ خمس سنوات ونصف هنا في الولايات المتحدة الأمريكية. تجربة الصوم في رمضان في بلد غير إسلامي وسط مجتمع غير مألوف كانت صادمة في البداية ، ولكن بفضل الله ثم الرضا بقضائه، ومعرفة كيفية عمل هذا المجتمع بشكل صحيح، جعلت تجربتي تتحول إلى الأفضل، وبات شهر رمضان المبارك في نفس المجتمع أكثر راحة وسكينة.
وهذا بعد معرفة التجّمعات والمراكز الإسلامية، لأن مدينة "شيكاغو" الكبيرة جدا تعجُ بالعديد من المساجد والمراكز الإسلامية التي تخدم المسلمين في المدينة. وتنظم المجتمعات الإسلامية في شيكاغو العديد من الفعاليات والأنشطة الدينية والثقافية خلال العام، بما في ذلك أنشطة شهر رمضان المبارك مثل الإفطار الجماعي (موائد الرحمن) ، والأنشطة الخيرية والتعليمية، وهذا بالطبع حسن تجاربنا للصوم في الغربة
والصيام – ياساده ياكرام - في الغربة يمكن أن يكون تحديا بالنسبة لبعض الأشخاص، عندما يتعرض لظروف بيئية واجتماعية مختلفة عن بلده الأصلي ، ويواجه الصائمون في الغربة تحديات مثل فترات الصيام الطويلة نتيجة لطول فترة النهار في بعض الفصول، وقد يكونون مضطرين للصيام دون الحصول على دعم أسرهم ومحيطهم الاجتماعي كما في بلادهم الأصلية ، بالإضافة إلى ذلك قد يواجه الصائمون في الغربة تحديات في العمل أو المدرسة، او الجامعة، وقد لا يكون هناك فهم كاف للتقاليد الدينية.
أذكر لكم مثالًا قصة أحد أبناء المبتعثين هنا في "أمريكا" في المرحلة الإعدادية عندما سألته عن صيامه في رمضان والذهاب إلى المدرسة، فقال: "أصوم لكني أتعب لأنهم في المدرسة يأكلون ويشربون مثل الأيام العادية ، وفي إحدى المرات، فزت بمناسبة جائزتها أن تذهب مع المدرسة إلى أحد مطاعم البيتزا، وتتناول الفطائر هناك. وعندما ذهبنا، حصلتُ على نصيبي ولكن وضعته في حقيبة الطعام الـ "Meal bag" وكان جميع أقراني يتساءلون متى تأكل "البيتزا"، فأجبتهم : متى وكيف نتناول الإفطار في رمضان !!" انتهى ، القصة راقت لي رغم صغر سن هذا الابن لكنه عرّف اقرانه بالصوم واوقاته بعفوية .
وفي مجتمع غير المسلمين، يبذل الكثير من المسلمين جهودًا كبيرة للالتزام بالصيام وممارسة العبادات الدينية بشكل صحيح ، وتتضمن هذه الجهود التواصل مع المجتمع المحلي لتوفير الدعم والفهم، بالإضافة إلى تنظيم الأنشطة الدينية والتعليمية التي تساعد على تعزيز الروحانية والتواصل معالاخرين خلال شهر رمضان المبارك.
ومن حسن الحظ أن مدينة "شيكاغو" تضم مجتمعا مسلمًا نشطًا ومتنوعًا ، ويعيش فيها آلاف المسلمين الذين ينتمون إلى مختلف الجاليات والثقافات والخلفيات الدينية ، ويشكل المسلمون جزءا مهما من النسيج الاجتماعي ، والثقافي ، والاقتصادي في المدينة، بالإضافة إلى ذلك يشارك المسلمون في شيكاغو في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية، حيث يعملون في مختلف المجالات المهنية ويساهمون في تنمية المدينة وتعزيز التنوع الثقافي والديني فيها.
فلاش:
وفي أحدى ليالي شهرنا المبارك، ادينا مع جموع المصلين في مسجد تابع لمركز المجتمع الإسلامي في الينوي الـ "ICCI" في ضاحية Oak Park في شيكاغو فكانت تجربة رائعة أذ ان اَلْمَسْجِد شَيَّدَ على أفضل طراز ، وتشطيبه الداخلي وديكوره باهر للغاية، وِيؤُومْ اَلْمُصَلِّينَ فيه أئمة فتح الله عليهم بتلاوات خاشعة، والمسجد كان مكتظا بالمصلين، ويبعث الارتياح في النفس، ويجعلك تشعر بالروحانية فشهر الله المبارك دائما يلقى بظلاله على المسلم في أي مكان وزمان ، هذا علمي وسلامتكم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*للتواصل : m_abulouy@yahoo.com
التعليقات 1
1 pings
عبدالله بنجابي
03/04/2024 في 2:53 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل
وفقكم الله دكتورنا الفاضل