قبل أيام كنت مع عبداللطيف ” ابن أختي ” في أحد مدن الألعاب الترفيهية ، وكان يتنقل بين الألعاب التي يحبها كثيراً ، لفت نظري موظف قديم لدى تلك المنشأة ، و مسؤول عن تشغيل ثلاث ألعاب في وقت واحد ، لم أشاهد موظف في تلك المنشأة يفعل مثله !! .
القضية ليست هذه فحسب ، وإنما عند دخول الطفل اللعبة يميز عمره ، ويقدم له النصائح وأنها غير مناسبة له أحياناً، وأن عليه اختيار أخرى تلاؤمه ، إلى جانب صبره وحلمه للأطفال، مع إلحاحهم للتغيير المستمر للألعاب بدون أي تذمر أو رفع صوت منه، بل كان يؤدي عمله بكل تؤده ، وسكون ، و طريقة تفاوضه مع الأطفال من خلال مصافحتهم ،والنزول لمستواهم و هو يحدثهم بعربيته المتكسرة ، كل هذا من أجل لعب آمن وممتع في آن واحد !.
حينما تبذل من وظيفتك الكثير فقط لأنك تحب انجازك وبصمتك فيه، ولأنه جزء من كينونتك وتستمتع به، سيتولد لدى الآخرين شعور إن الإتقان هو ديدن الذي يحبون وظائفهم ، حنى لو كانت تلك الوظائف غير مجزية وغير مشجعة ، فالإحسان شعارهم المعروفين به .
قد تجد حارس أمن منشأة كبيرة ومهمة قد يحظى بالشعبية والقبول من قبل المستفيدين ، و ما يقدمه من خدمات وتسهيلات لهم عوضاً عن كبير المدراء التنفيذين فيها الذي قد يتقاعس عن تقديم حتى السلام على موظفيه فضلاً عن المستفيدين ! .
حينما تنجز بحب ، يختلف كثيراً عن الإنجاز بدونه ،و ستجده مجردا باهتاً بلا ملامح ، ولو أنفقت عليه ساعات طوال، بل ستجده أشعث أغبر تغلبه الفوضى والعشوائية، التي تقرأها فيه من على بعد كيلومترات !! .
المهتمون بالتفاصيل الجميلة للإنجاز ، والرونق فيه ، ترى الإنجاز يتحدث عنهم وأناقتهم الداخلية ، ومدى اهتمامهم ،و سيظهر في لغة الابداع والاتقان الخلاق لديهم ، في التنظيم المذهل ، في العرض المثير لهم ، حتى تشعر أن تلك الانجازات هي التي تفخر بهم وتفاخر .
سيماهم في وجوهم منطلقين لوظائفهم والبشاشة تعلو محياهم النضر ، وابتسامتهم التي تودع في كل من يلقاهم أملاً متجدداً بالحياة ، وأن الخير يملأ الأرض ، ولا تلبث أنت كذلك تقابلهم بنظرات الإعجاب ، وترجو من الله أن تكون مثلهم يوماً ما .
لازلت ذاكرتي تعج بشخصيات متوهجة بالتميز الوظيفي والأخلاقي ، وسماتهم الراقية ، و التي تمنحك لطفاً أينما يممت شطر وجهك فيهم ومعهم ،وهم أكثر تواضعاً وأدباً واتزان وانضباط، اللهم أكثر من سوادهم في الأرض لتغدوا ثمار همتهم وإخلاصهم يانعة القطاف دوماً ،، آمين .
كتابنا
> هل لا زلت تحب عملك ؟!.
هل لا زلت تحب عملك ؟!.
30/10/2017 12:50 م
هل لا زلت تحب عملك ؟!.
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/25777/