أردت أن تكون كتابتي هذه المرّة مفعمة بالتّربية الكشفيّة ويهبّ منها نسيم الصّبا الكشفي للقادة الكشّافين ولرواد الكشّافة الذين وهبوا حياتهم لخدمة الوطن والمواطن، ولا أبالغ إذا قلت إنني مُطّلع بما فيه الكفاية على أنشطة العديد من الجمعيّات الكشفيّة لشغف ابتليت به منذ نعومة أظافري على القراءة واكتشاف الجديد. فقد كنت أتلقّف دوريّات المنظمة الكشفيّة العربية من "آراء وأفكار" وغيرها، فارتفعت معنويّاتي ونمت روح الكشفيّة في أعماقي وازدادت رغبتي الجامحة على رفع التّحدّيات واستقوت عزيمتي على المساهمة ولو بقسط ضئيل في العمل الكشفي الذي طال - وأنا أتدرّج في المراحل الكشفيّة -، كلاّ من خدمة وتنمية المجتمع والتعليم والصّحة ومكافحة الفقر ومكافحة التّصحر والبيئة وغير ذلك.
ولقد فتح شهيّتي للكتابة – والحق يُقال - ما شاهدته في الآونة الأخيرة من أنشطة متعددة تقوم بها الحركة الكشفيّة في المملكة العربية السّعودية على مرأى ومسمع من الجميع وعلى مستوى كافّة أقاليم المملكة ، غير أن المتتبع لتلك الأنشطة لا بد أن يستوقفه ما تقدمه الحركة الكشفيّة السُّعودية من خدمات جليلة كادت أن تظلّ عالقة بذاكرة كل حاج لبيت الله الحرام أو معتمر أو أي زائر من مشارق الأرض أو مغاربها.
إن الحركة الكشفيّة في المملكة العربية السّعودية أعطت للعالم بأسرة القراءة الصّحيحة للكشفيّة بمفهومها الواسع، وجعلت من التّربيّة الكشفيّة سلوكا متحضّرا تتعامل به الخلائق ويتفيّأ ظلاله كلّ زائر مهما كان نوعه وخاصّة حجّاج بيت الله الحرام، إنه سلوك يتساوى فيه العاكف والبادي ويتلقّاه الزّائر بشكل ناعم من خلال إشارة مهذّبة من الشبل أومن الكشّاف أو الكشّاف المتقدّم أو الجوّال أو حتّى من الرّائد الذي خلّف وراءه ذكريات من الكشفية في السُّعوديّة بشكل عام.
إن الكشّاف السُّعودي من خلال سلوكه المتأصّل وتحمّله للأمانة، قد وعد بشرفه أن يبذل جهده الواسع للقيّام بما يجب نحو:
- الله ثم المليك والوطن أو ولي الأمر عموما امتثالا لقول الله تبارك وتعالى(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الامر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله ورسوله إن كنتم تومنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا).
- ونحو الآخرين، بمساعدتهم في شتّى الظّروف.
- وأن يعمل بقانون الكشّافة مهما كانت الظّروف
وقد برهن للعالم بأسره أنه جسّد المبادئ الكشفية وحوّلها إلى واقع ملموس، لدرجة أنه ما من حاج ولا زائر للمملكة العربية السّعودية إلاّ وقد قابله سلوك مثالي لكشّاف تميّز بأخلاقه الفاضلة وهبّ ليُرشده أو يدلّه على طريق أو مشعر حرام أو مَعلم حضاري أو مصرف أو حانوت أو حافلة...أو..أو، وليس هذا من باب المبالغة وإنما هو أمر حقيقي شهد به القاصي والدّاني ولا يُستغرب بتاتا على جيل كشفي تربّى في أحضان قادة كشّافين أسّسوا كشفيّتهم من أول يوم على تقوًى من الله ورضوان في رحاب أول بيت وُضع للنّاس، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا، وكان على رأسهم العارف بالله رئيس الاتّحاد العالمي للكشّاف المسلم الدّكتور عبد الله عمر نصيف -أطال الله عمره-
وتحلّوا جميعهم بالأخلاق الفاضلة وساروا على نهج سلفهم الصّالح وأصبح كل واحد منهم مقتنعا بما لا يدع مجالا للشّك بأنه يحمل همّ وطنه وأنه مكلّف بتبليغ رسالة ولاّة أمره عن طريق ما يؤمن به من مبادئ كشفيّة تتمحور أساسا حول الالتزام بواجبات يتعيّن على كل كشّاف أن يجعلها دوما نصب عينيه، وهي:
- الجانب الرّوحي والوطني: ويتمثّل في القيّام بالواجب نحو الله باتّباع أوامره واجتناب نواهيه، والقيام بالواجب نحو الوطن بخدمته والدّفاع عنه والعمل الدّائم على الرّفع من شأنه.
- الخدمة العامّة: وتتمثّل في تقديم العون لكل إنسان في جميع الظّروف التي قد يتعرّض لها.
- التّحلي بالأخلاق الفاضلة والسّلوك الحسن.
ولا يخفى على كل الكشّافة في الوطن العربي بشكل عام، ما تقوم به الكشّافة السّعوديّة من جهود على كافّة الأصعدة سواء على المستوى المحلّي أو الإقليمي أو العربي، فوجودها في كل هيئات المنظمة الكشفيّة العربية وفي سائر الاتّحاديّات الكشفية التّابعة لها دليل قاطع على سبقها في فهم الحركة الكشفيّة الفهم الصّحيح وقدرتها الخارقة على تقريبها من النّشء سبيلا إلى خدمة وتنمية المجتمع. لقد تتبعنا ونحن في حركة الكشافة والمرشدات الموريتانية وبالذّات في رابطة رواد الكشّافة والمرشدات، كل الجهود التي يقوم بها الكشّافة في المملكة العربية السّعودية والتي تتلخص في خدمة الوطن والمواطن فتعلمنا منها الكثير
ولعلي اعرج على ما تابعناه من أنشطة وبرامج لكشافة شباب مكة المكرمة ( النموذج الأمثل للكشافة السعودية ) التي تسير بمبادر كريمة وإدارة من القائد الكشفي عثمان خليفة مدني ، وهي تقوم بلمّ الشّمل وزرع المحبّة والأخوّة وإشاعة التّعايش السّلمي والصّداقة والتّوادد بين الجميع. وتمّ ذلك بالفعل عندما استضاف فريق كشّافة شباب مكّة بجمعيّة مراكز الأحياء بمكّة المكرّمة القائد والرّائد عضو رابطة رواد كشّافة موريتانيا الأستاذ حامدن الحسن بلاّهي أثناء تأديته لعمرة رمضانيّة، ولقد حدّثنا بعد رجوعه إلى موريتانيا عن فريق كشّافة شباب مكّة وعن جمعيّة مراكز الأحياء بمكّة وعن كشّافة شباب مكة خصوصا الكشافة السعوديين عموما ، فهم متحمّسين، أحاطوا به وهم دوما على استعداد لخدمة وطنهم وخدمة ضيوفهم بشكل عام.
و"أنا" شخصيا اتابع نشاط كشافة شباب مكة أحد الفرق الكشفية التابع لجمعية مراكز الاحياء بمكة المكرمة متابعة دقيقه ، فهو شامل ومنوع ويعكس روح شباب مكة المكرمة الذين جبلوا على استقبال الضيفة واكرامه ، وفي تفاصيل أنشطة وبرامج هذه الفرقة الانموذج ، الكثير من التفرعات بين خدمة مجتمعية ، وزيارات اجتماعية ، واهتمام بالضيف ، وعنابة واهتمام وصقل للكشافة بجميع أعمارهم ومراحلهم ، فتحية أجلال واكبار للكشافة السعودية عموما ولكشافة شباب مكة المكرمة على وجه الخصوص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مدير مكتب الصحفية بنواكشوط