قالوا أن لكلّ زمن جماله ومذاقه المتميز ونكهته الخاصة ، لذلك حينما نسمع من يردد عبارة " الزمن الجميل " ، فإن ترديدها لم يكن محض صدفة عابرة ، لكنه بني على وأقع عاشه الفرد في ذلك الزمن ، الذي تعلمنا فيه الكثير والتقينا بالكثير ، ورأينا كيف كانت وقفة الجيران مع بعضهم ، وكيف كان العمدة أبا للصغير ، وأخا للكبير .
وفي بداياتي الصحفية في جريدة " النــدوة " عشت الكثير من المواقف الصعبة التي كادت أن تجبرني على ترك العمل الصحفي ، غير أن الله سبحانه وتعالى سخر لي رجالا كانوا ناصحين وموجهين من داخل الجريدة وخارجها ، وكان من بينهم عمدة حي الرصيفة ـ آنذاك ـ عبدالكريم حبيب ـ يرحمه الله ـ ، والذي التقيت به لأول مرة أثناء تكليفي بإجراء استطلاع عن دور العمد في خدمة المواطنين والأحياء ، ومدى توفر الإمكانيات الجيدة لهم للقيام بأدوارهم .
وحينما ابلغته بمجاور اللقاء رد قائلا : " بعيدا عن المحاور التي تتحدث عنها ، فإني أنصحك إذا أردت الاستمرار في الصحافة فعليك أن تجد وتجتهد ، فعملك مكشوف للجميع ، وهو مقياس نجاحك ، وإن تكاسلت ونمت فلن يكتب لك النجاح ، وسينساك الجميع "
وحينما بلغني خبر وفاته ـ يرحمه الله ـ أخذت أقلب صفحات الماضي الجميل لأتوقف أمام جمل وعبارات شكلت نقطة انطلاق نحو الصحافة ، متذكرا تلك الكلمات التي كانت درسا تعليميا حصلت عليه دون أي تكلفة مالية ، ومنها كلمات العمدة عبدالكريم حبيب ـ يرحمه الله ـ الذي ترك برحيله أعمالا تذكر ومواقف لا تنسى ، مع الفقير واليتيم والأرملة فأحبه الجميع لتواضعه ، ووقفاته لسعادتهم ومحو ألم الحاجة عنهم .
فاللهمّ آته برحمتك ورضاك، وقهِ فتنة القبر وعذابه، وآته برحمتك الأمن من عذابك حتّى تبعثه إلى جنّتك يا أرحم الرّاحمين. اللهمّ انقله من مواطن الدّود، وضيق اللّحود، إلى جنّات الخلود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل:
ashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com