بمساندة سعودية مؤثرة، جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤيد لأهلية فلسطين للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة؛ عندها أدرك مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة عظم الكارثة التي تنتظر بلاده، كما أدرك الثقل الكبير للدبلوماسية السعودية في المنطقة والعالم، فلم يتمالك أعصابه، وقام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة على مرأى ومسمع من العالم.
منذ عقود مضت والمملكة تساند قضية فلسطين، وترى أنها قضية العرب الأولى بلا منازع، التي ينبغي مساندتها ودعمها ماديًّا ودبلوماسيًّا، حتى يتحقّق للشعب الفلسطيني كل تطلعاته بتأسيس دولته المستقلة على كامل تراب الوطن، وعاصمتها القدس الشرقية.
ولم يأتِ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤيد لأهلية فلسطين للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة من فراغ، وإنما جاء متوّجًا لجهود المملكة الدبلوماسية في الضغط على المجتمع الدولي، للاعتراف بالدولة الفلسطينية، هذا الضغط تعمّده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مدركًا أهمية هذه السياسة في إجبار الدول والمؤسسات المعنية على الاعتراف بدولة فلسطين، والعمل على استعادة الحقوق المسلوبة من شعب فلسطين.
وخلال عقود طويلة ماضية والدبلوسية السعودية تمارس دورًا مؤثرًا في المنطقة العربية والعالم، وتسخّر هذه الدبلوماسية جزءًا من نشاطها لحلّ قضية فلسطين، مستثمرة كل علاقاتها الدولية وثقل المملكة في المنطقة والعالم، إلى درجة باتت معها الدول العربية والإسلامية تعول على الدور السعودي دون سواه، لتحقيق كل تطلعات الشعب الفلسطيني.
قضية العرب
دعم المملكة لقضية فلسطين قديم جدًّا، وتشهد عليه صفحات التاريخ السعودي التي أشارت إلى أن هذا الدعم بدأه المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، مرورًا بملوك المملكة، رحمهم الله، ووصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، اللذين شدّدا على أن قضية فلسطين هذه قضية العرب الأولى، ولا مفرّ من مساندتها، حتى يتحقق للشعب الفلسطيني كل ما يحلم به بإقامة دولته المُستقلة.
ولا ينكر أحد أن الموقف السعودي الداعم للشعب الفلسطيني كان له تأثيره الكبير والمباشر على دعم القضية دوليًّا؛ إذ أثمر الموقف السعودي عن حشد رأي عام دولي داعم لإقامة دولة فلسطين، ويأتي هذا المشهدُ ترجمةً لتأكيدات سمو ولي العهد، حفظه الله، على وقوف المملكة الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني؛ حتى ينال حقوقه المشروعة في حياة كريمة، وتحقيق آماله وطموحاته بإحلال السلام العادل والدائم.
التطبيع مع الكيان
وتحرص العديد من الدول على تفعيل التطبيع بين المنطقة العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية، مع الكيان الإسرائيلي، وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا نجحت أمريكا في تفعيل التطبيع بين دول عربية من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، إلا أن المملكة كان موقفها واضحًا وقويًّا بأنها اشترطت للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي إقامةَ دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وبدا هذا الشرط واضحًا وجليًّا للجميع، وكان له تأثير كبير في الأوساط الدبلوماسية التي حذرت من تجاهل الشرط السعودي.