خطب وأمّ المصلين في المسجد النبوي اليوم الجمعة فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، وبعد أن حمد الله بدأ الخطبة بقوله: أيها المسلمون ذكر الله سبحانه هو أفضل الطاعات وأشرف القربات، ولبّ العبادات، وهو الذي من أجله شرعت الشعائر، كما قال سبحانه: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) ، وقال جل شأنه: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ) ، وقال عليه الصلاة والسلام «إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله»، أي ليذكر العباد ربهم، بقلوبهم عكوفاً على تعظيمه ومحبته وخوفه ورجائه، وبألسنتهم لهجاً بحمده وتكبيره وتهليله وتسبيحه، وبجوارحهم عملاً بطاعته وسعياً في مراضيه، فلذلك كان ذكره جل جلاله أكبر من كل شيء، كما قال جل ثناؤه: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ).
وأضاف فضيلته: وقد أعد الله للذاكرين الله كثيراً والذاكرات مغفرةً وأجراً عظيماً، ووعدهم بالنصر والفلاح والحفظ، ورتب على كثرة ذكره سبحانه من حط الأوزار والخطيئات، ورفعة الدرجات وتكفير السيئات ما نطقت به آي الكتاب المبين وزخرت به سنة سيد المرسلين؛ ولذلك دأب عليه سادة العارفين بربهم من الأنبياء والمرسلين والصديقين وأولي الألباب الصالحين.
من ذكر الله خالياً من الناس ففاضت عيناه شوقاً إليه أو خوفاً منه، أومنهما معاً، فاز بظل العرش والنجاة يوم البعث قال عليه الصلاة والسلام “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر رجلاً ذكر الله خالياً ففاضت عيناه” وهذا في ذكر القلب، أو في ذكر القلب واللسان معاً، قال الصحابي الجليل سيد القراء أبي بن كعب رضي الله عنه: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما على الأرض عبد على سبيل وسنة، ذكر الرحمن خالياً ففاضت عيناه من خشية الله، فتمسه النار.
واختتم فضيلته الخطبة : ليس للقلوب طمأنينة ولا سكينة ولا راحةٌ ولا قرار إلا بكثرة ذكر الله في الغيب والشهادة، والسر والجهر، فالقلوب إنما خلقت لذكر الله فلا تحيا إلا به، ولا تثبت على الإيمان إلا به فهو الفرقان بين أهل النفاق وأهل الإيمان، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُم وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) ، وقال عليه الصلاة والسلام : “تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلا” أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.