كشف أستاذ المناخ بجامعة القصيم “سابقاً”، نائب رئيس جمعية الطقس والمناخ السعودية الدكتور عبدالله المسند؛ عن أسباب تشكُّل الموجة الحارّة الحارقة هذه الأيام، التي سجّلت فيها الدمام والأحساء 50 درجة مئوية، مستدركاً بالقول: “الشمس لم يتغيّر موقعها ولا قوتها عمّا كانت عليه قبل أسبوع، وموقعنا لم يتغيّر، وارتفاعنا عن سطح الأرض لم يتغيّر”.
تفصيلاً، أوضح “المسند”؛ عبر حسابه على منصة “إكس”، أنه “يكثر السؤال عن سبب ارتفاع درجة الحرارة في شرق وشمال شرق السعودية، الكويت، جنوب العراق، وغرب إيران؛ كأشد المناطق حراً في العالم في فصل الصيف؟ التي سمّيتها فوهة التنور العالمي؛ لشدتها الحرارية”، مشيراً إلى أن “هناك أكثر من عامل جغرافي يؤدي إلى تلك النتيجة، منها ثلاثة عوامل تتميّز بها المنطقة عمّا جاورها”.
وأبان أن “العامل الأول جوي علوي؛ ويُعد هذا العامل الأكثر أهمية، فعندما يتمركز مرتفع جوي (High Pressure) في طبقات الجو العليا (على ارتفاع 3 – 5 كم)، يتسبّب ذلك في هبوط التيارات الهوائية من الأعلى إلى الأسفل.. هذا الهبوط يؤدي إلى ضغط الهواء وتكدسه في طبقات الجو الدنيا، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع درجات الحرارة”.
وتابع: إضافة إلى ذلك، تحبس هذه الوضعية التيارات الهوائية الحارّة الصاعدة من سطح الأرض، مما يزيد من ارتفاع درجة الحرارة ويقلل من نسبة الرطوبة، هذه الآلية تشكل -بإذن الله تعالى- قبة أو فقاعة هوائية (كتلة هوائية عظيمة) فوق المنطقة المتأثرة تستمر لبضعة أيام، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات درجة الحرارة بأكثر من 5 درجات مئوية عن المعدل السنوي للشهر نفسه، تمنع هذه القبة الهوائية أي نظام مناخي مغاير من دخول المنطقة، مما يفسر بقاء الموجة الحارة لأيام عدة جاثمة فوق المنطقة ككتلة هوائية حارة وجافة، فيتضجر الناس من الأجواء، وتتأثر قطاعات مختلفة، مثل: الكهرباء والماء والصحة والتعليم والزراعة والسياحة، ولله في خلقه شؤون”.
وأضاف: “العامل الثاني فيزيائي؛ فالمنطقة تقبع تحت تأثير منخفض الهند الموسمي طول فصل الصيف، وعليه فالرياح تدور حول مركز المنخفض الهندي عكس اتجاه عقارب الساعة، منها تتحرّك الرياح من أعالي قمم جبال زاجروس- غرب إيران، منحدرة لمناطق منخفضة حيث العراق، وعندما تنحدر الرياح من القمم إلى السفوح المنخفضة تحتك بسفوح الجبال، فترتفع درجة حرارتها وتقل رطوبتها، فتصبح الرياح الشمالية الشرقية المؤثرة في جنوب العراق والكويت وشمال شرق وشرق السعودية هي السائدة، وتكون تلك المناطق في مهب الرياح الحارّة والجافة المنحدرة من سفوح جبال زاجروس الإيرانية”.
وأردف: “العامل الثالث طبوغرافي؛ فمنطقة حوض الخليج العربي، ومنها شرق السعودية بصفة عامة منخفضة الارتفاع”.
وأشار “المسند”؛ إلى أن هناك عوامل أخرى ترفع من درجة الحرارة وتشترك فيها معظم دول الشرق الأوسط، حيث تخلو المنطقة من البحيرات، والأنهار، والغطاء النباتي الكثيف؛ وكلها عوامل حينما تُوجد تحدُّ من حرارة الشمس، كما تتميّز سماء المنطقة بخلوها من السحب؛ ما يسمح لأشعة الشمس بالوصول لسطح الأرض من الشروق حتى الغروب، لهذه الأسباب ولغيرها تُسجّل تلك المناطق أعلى درجة حرارة بالعالم في فصل الصيف، هذا والله أعلم.