شعرت بالإحباط، وكأن الأبواب مغلقة أمامي. ولكن فجأة، بعد سنة، تلقيت خبر حصولي على منحة داخلية في جامعة ام القرى في تخصص احلامي. كان ذلك بمثابة ضوء في نهاية النفق صحيفة شاهد الآن التقت بها وأجرت معها في حوار تحدثت من خلالها عن أمور كثيرة تتعلق برحلتها في الحياة وشغفها في خدمة ضيوف الرحمن إليكم تفاصيل ما جاء في حديثها :
نتعرف عليكي أولاً؟
اسمي خديجة أبو الحسنات من مكة المكرمة خريجة بكالوريوس إدارة الاعمال جامعة ام القرى.
هل يمكنك مشاركتنا إحدى تجاربك المميزة في خدمة ضيوف الرحمن؟
ذات يوم حار ومشمس وسط بحر من الحجاج المتدفقين، كانت الأجواء تعج بروحانية خاصة. كنت أتنقل بين الحجاج، أقدم المساعدة وأجيب على استفساراتهم، حينما لمحت سيدة من بعيد تبكي بحرقة. كنت الوحيدة في المكان التي تتحدث لغتها، فاتجهت نحوها فوراً. كانت تبحث عن زوجها الذي ضاع منها في الزحام، وملامحها تعبر عن قلق شديد. كان لديها كل متعلقاته، ولم تكن تعرف حتى رقم هاتفه.
شعرت بثقل المسؤولية، وكأن الزمن توقف للحظة. لم أكن فقط أترجم كلماتها، بل كنت أترجم مشاعرها وقلقها ,بدأت بالتحدث معها بهدوء، وسألتها عن تفاصيل مظهره وأي معلومة قد تساعد في البحث. قمت بالتواصل مع فريق الخدمة في الميدان، وبدأنا في البحث عنه، وحاولنا التنسيق مع بعثتها وخلال هذا الوقت، ، كنت بجانبها، أحاول تهدئتها كنت أحاول إلهاءها بقصص ممتعة ومضحكة وحكايات تشد الانتباه. كانت الدقائق تمر ببطء، وكنت أرى في عينيها نظرة أمل تمتزج بالخوف.
بعد ساعات من البحث والتنسيق، تلقينا خبرًا سارًا: وجدنا زوجها! كانت لحظة مليئة بالعواطف؛ انفجرت بالبكاء من شدة الفرح وشكرتني بامتنان شديد السيدة لم تتوقف عن شكرنا، وقالت إن وجودي كان بمثابة نور في ظلام تلك اللحظة. كانت تلك التجربة تذكرة بأن عملنا ليس مجرد خدمة، بل هو رسالة إنسانية كبيرة وتجسيدًا لروح خدمة ضيوف الرحمن..
كيف كانت معرفتك باللغات تجربة محورية في خدمة الحجاج؟
كان التحدث بلغات متعددة بمثابة مفتاح سحري للوصول إلى قلوب الحجاج. تخيل أنك تسافر إلى مكان جديد، وكل شيء فيه غريب عليك، حتى اللغة. وفجأة، تجد شخصًا يتحدث بلغتك، يفهمك، ويشعر بما تحتاجه. حيث تمكنت من فهم احتياجاتهم وتوفير الدعم اللازم. كان لهذا التواصل تأثير عميق. كانت الابتسامة ترتسم على وجوههم عندما يكتشفون أنني أفهمهم عندما كنت أتحدث بلغتهم، كانت وجوههم تضيء بسعادة وراحة. كان ذلك بمثابة جسور من الثقة تبنى بيننا. لم يكن مجرد تواصل، بل كان شعورًا بالأمان والانتماء، وأحببت أن أكون جزءًا من ذلك.
ما الذي تحبينه في نفسك؟
أحب في نفسي شغفي اللامتناهي وتجربتي لتحديات جديدة. أنا شخص يحب اكتشاف أشياء جديدة، أبحث دائمًا عن التحديات لأوجهها وأكتشف نفسي من خلالها سواء كانت تحديات في العمل أو حتى في الحياة اليومية. أكثر ما يسعدني هو مساعدة الآخرين وإحداث فرق في حياتهم. أحب أن أرى ثقتي بنفسي تنمو عندما أواجه مخاوفي وأتجاوزها. لدي قدرة على التركيز والعمل بإصرار، وهذا يعطيني شعورًا بالإنجاز،. أحب أيضًا شغفي الذي يدفعني للابتكار والإبداع، أكثر ما يسعدني هو رؤية النتائج الرائعة لعملي وجهودي الحياة بالنسبة لي مغامرة، وكل تحدٍ هو جزء من تلك المغامرة و فرصة جديدة للاستكشاف والتعلم
كيف ترين مستقبلك في مجال خدمة الحجاج؟
أرى نفسي في المستقبل رائدة أعمال تقود مشاريع مبتكرة في مجال الحج والعمرة. أطمح إلى تطوير وابتكار طرقًا جديدة لتحسين تجربة الحجاج تجعل تجربة الحجاج أكثر سلاسة وراحة. أريد أن أكون جزءًا من فريق يبتكر حلولًا تجعل من رحلتهم تجربة فريدة لا تُنسى، ويستمتعون بتجربتهم الدينية بشكل أفضل مليئة بالراحة والسعادة. أعتقد أن هذا المجال مليء بالإمكانيات التي لم تُستغل بعد، أطمح إلى أن أكون جزءًا من جيل جديد من الرواد الذين يسعون لتحسين تجربة الحج من خلال الابتكار والإبداع وأنا متحمسة لاكتشافها وتطويرها.
ما هي رسالتك للشباب والشابات الذين لم يسبق لهم العمل في خدمة الحجاج؟
أقول لهم: إن لم تخوضوا هذه التجربة، فقد فاتكم شيء عظيم. خدمة ضيوف الرحمن ليست مجرد عمل؛ إنها تجربة حياتية غنية ومليئة بالمعاني. ستتعلمون منها الكثير عن أنفسكم وعن الآخرين، وستكتسبون مهارات جديدة وتتعرفون على ثقافات متنوعة. الأجواء الروحانية والدعوات الصادقة من الحجاج تمنحك شعورًا بالراحة والرضا وتجربة فريدة من نوعها.
عليكم تجربة هذا العمل ولو لمرة واحدة في حياتكم، حتى لو كان كمتطوعين. إنها فرصة لا مثيل لها صحيح الأجواء حارة ومتعبة لكن مقابل إحساس رائع بالقيمة والمعنى. تخيلوا أن تكونوا في مكانكم المقدس، بين ضيوف الرحمن، وتساهموا في جعل تجربتهم أسهل وأكثر سلاسة. إنها ليست مجرد خدمة؛ إنها رسالة إنسانية وروحية. ستتعلمون منها الكثير إنها فرصة رائعة لتكونوا جزءًا من شيء أكبر وأعظم، وتكونوا سببًا في جعل رحلة الآخرين أسهل وأجمل. لا تنتظروا الفرصة أن تأتيكم؛ ابحثوا عنها وجربوها، لأنكم ستكتشفون أن كل لحظة فيها تحمل قيمة لا تقدر بثمن.
ما هي أولوياتك في الحياة؟
عائلتي هي الأولوية الأولى دائمًا. هم مصدر دعمي وسندي في كل شيء. أحب نفسي وأحرص على تحقيق توازن بين العمل والحياة الشخصية. أضع كل عمل أقوم به من أولوياتي، وأعطيه كل جهدي ووقتي لتحقيق أفضل النتائج. أؤمن بأن النجاح يأتي من التفاني والإخلاص، وأعمل دائمًا على تحقيق ذلك في كل شيء أفعله.
كيف تتعاملين مع الأشخاص غير المتعاونين؟
ان كان في خدمة الحجاج، أرى أنه لا مجال للخيارات. إذا كان هناك شخص غير متعاون، أركز على أداء عملي بأفضل صورة وأحاول تعويض أي نقص. أحيانًا أضطر لتغطية أي قصور حتى لا يتأثر العمل في خدمة الحجاج لكن في مجالات أخرى، أواجه الشخص بصراحة وأطلب منه مراجعة تصرفاته وان نتعاون قدر الامكان.
هل لديكِ هوايات أخرى؟
بالتأكيد! أحب الفنون بكل أشكالها، وخاصة رسم العيون، فهي بالنسبة لي نافذة تعكس الروح. إلى جانب ذلك، لدي شغف خاص بتصميم الجرافيك. أحب الغوص في عالم الألوان والأشكال، واستخدامها لإنشاء تصاميم بصرية مبدعة تعبر عن الأفكار والمشاعر. إنه شعور رائع أن ترى فكرة تتحول إلى عمل فني يلامس القلوب.
كما أنني أستمتع بالعمل التطوعي وأعتبره جزءًا من رحلتي الشخصية. واحدة من أبرز تجاربي كانت انضمامي لأندية جامعة أم القرى، وخاصة نادي الإبداع وريادة الأعمال. هذا النادي كان بمثابة بيئة ملهمة، حيث تعلمت كيفية العمل مع فريق وتطوير مهاراتي القيادية و. كانت تجربة مليئة بالتحديات، ولكنها أيضًا كانت فرصة للنمو والتعلم. أنصح الجميع بتجربة مثل هذه الأندية في الجامعة والمشاركة فيها، فهي ليست فقط مكانًا لاكتساب المهارات الجديدة، بل هي أيضًا فرصة للتواصل مع أشخاص مبدعين ومتحمسين. أن أكون أحد قادة هذا النادي كان شرفًا كبيرًا، وواحدة من أفضل التجارب التي عشتها في حياتي.
ما هو أكبر تحدٍ تواجهيه؟
أحد أكبر التحديات التي أواجهها هو إدارة نفسي. أحيانًا عندما أقرر الراحة، أشعر بتكاسل شديد وأبتعد عن كل شيء. ولكن عندما أقرر العمل، أعمل بشدة حتى أرهق نفسي. إيجاد توازن بين الراحة والعمل هو تحدٍ دائم بالنسبة لي. لكنني أؤمن أن التحديات هي جزء من الحياة، ما تجعل الحياة مثيرة ومليئة بالتجارب وهي ما تجعلنا ننمو ونتطور.
لكل شخص مواقف يمر فيها ما بين محرجة أو صعبة أو سعيدة حدثيني عن بعض المواقف التي لا تنسيها؟
بعد تخرجي من الثانوية، كانت التوقعات المحيطة بي منخفضة، وكان الجميع يقولون إنني لن أتمكن من دخول الجامعة. شعرت بالإحباط، وكأن الأبواب مغلقة أمامي. ولكن فجأة، بعد سنة، تلقيت خبر حصولي على منحة داخلية في جامعة ام القرى في تخصص احلامي. كان ذلك بمثابة ضوء في نهاية النفق، وكانت تلك اللحظة هي أسعد يوم في حياتي. تعلمت من هذه التجربة أن الله لا ينسى من يجتهد، وأن لكل مجتهد نصيب. قد تتأخر الفرص، لكنها تأتي في الوقت المناسب والمكان المناسب
هل لديكِ رسالة عامة تودين توجيهها؟
رسالتي للشباب والشابات هي أن تكونوا دائمًا مجتهدين وواثقين بأنفسكم. اسعوا دائمًا لتحقيق رضا الله ورضا والديكم، فهذا هو المفتاح الحقيقي للنجاح. لا تفقدوا الأمل، حتى في أصعب اللحظات. الحياة مليئة بالتحديات، لكنها أيضًا مليئة بالفرص. استمتعوا بكل لحظة، وعيشوا حياتكم بسعادة ورضا. الأهم هو أن تكونوا صادقين مع أنفسكم ومع الآخرين، وأن تعملوا دائمًا على تحسين أنفسكم وتطوير مهاراتكم. الحياة قصيرة، لذا عيشوها بكل حب وشغف
النجاح ليس دائمًا فوريًا، لكنه يأتي بالجهد والمثابرة. امشوا قدماً بسعادة ورضا، واستمتعوا بكل لحظة في حياتكم. الدنيا لا تستحق أن تزعجوا أنفسكم من أجلها. اجتهدوا، اضحكوا، واستمتعوا بكل يوم وكأنه يومكم الأخير..