اليكم هذه الوصايا المختصرة ، نسأل الله أن يجعله عاماً دراسياً متوجاً بالتوفيق والعون والبركة والسداد والتيسير.
- الوصية الأولى :-
اعلم أن طلب العلم عبادة وقربة إلى الله .
قال الأمام احمد ( العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته ) ولا يتحقق هذا الا بتقوى الله في السر والعلن و مراقبة الله في كل حركاتك وسكناتك ، ولزم الإخلاص في طلب العلم وهو شرط في قبول العمل تصفية العمل عن جميع الشوائب التي تفسده قال الله -تعالى-: ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)
و المقصود بإن تجعل طلبك للعلم لله ترجو الثواب منه جل وعلا ورفعاً للجهل عن نفسك وذلك بتنقيته من الشرك الأصغر وهو الرياء و من النفاق ولا تقصد بعملك طلب الشهرة أو أمر من أمور الدنيا .
عن ابى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم(مَن تعلَّم علماً مما يبتغى به وجه الله، لا يَتَعَلَّمه إلا ليصيبَ به عرضاً من الدنيا، لم يجد عَرْفَ الجنةِ يوم القيامة) أي ريحها. رواه أحمد وأبو داود بسند حسن..
- الوصية الثانية:-
احرص على وقتك فهو أثمن ما تملكه و سوف تسأل عنه كيف أمضيته فشغل وقتك كله بطلب العلم وحفظ المتون وتدارسها مع العناية بحفظ القرآن الكريم .
وهنا بيت للشيخ حافظ الحكمي رحمه الله ينبغي على كل طالب علم أن يجعله نُصب عينيه:
(فلا يُمِلَّنَّك ما تَكرّرا .. لعلّه يحلو إذا تَقَررا )
ومن علامات حفظ الوقت الجد في طلب العلم وتذكر ما أعده الله عزَّ وجلَّ لطالب العلم والعلماء.
قال الشوكاني رحمه الله في الحثِّ على علو الهمة في طلب العلم: (فإنَّ الله سبحانه قد قرن العلماء في كتابه بنفسه وملائكته فقال: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ [آل عمران:18]
فالوقت هو الحياة وهو رأس المال ، قال ابن عقيل الحنبلي -رحمه الله-: "أجلُّ تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو الوقت، فهو غنيمة تُنْتهز فيها الفرص، فالتكاليف كثيرة والأوقات خاطفة"
وقد تهيئ للطالب الفراغ والنشاط، والشباب وقوة البدن وقلة الشواغل، فاغتنمها .
- الوصية الثالثة:-
أن يكون ما تتعلمه تطبقه في حياتك .
قال الحسن البصري: كان الرجل إذا طلب العلم لم يلبث أن يُرَى ذلك في بصره، وتخشعه، ولسانه، ويده، وصلاته، وزهده .
يقول سفيان الثوري قالت لي والدتي: يا بُني لا تتعلم العلم إلا إذا نويت العمل به ، وقال رحمه الله وقال: (العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل)
فمنزلة العمل مع العلم كما يقول ابن الجوزي - رحمه الله - : ( ليس بمجرد صورته هو النافع، بل معناه، وإنما ينال معناه من تعلمه للعمل به، فكلما دله على فضل اجتهد في نيله، وكلما نهاه عن نقص بالغ في مباعدته، فحين إذن يكشف العلم له سره)
- الوصية الرابعة :-
احذر بارك الله فيك من الميل واتباع الهوى والشهوات والتعصب المذموم والواجب العمل بمنهج السلف والدعوة إليه ولزوم غرز السنة و أهلها في جميع الأحوال والأقوال وتترك فضول القول وأن تكون على ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم .
قال ابن عبدالهادي الحنبلي رحمه الله: "ما تحلى طالب العلم بشيء أحسن من الإنصاف وعدم التعصب ". نصب الراية للزيلعي 1/255
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى : الحذرَ الحذرَ من التعصب للأقوال والقائلين... فإن التعصب مُذهِب للإخلاص، مزيل لبهجة العلم، مُعْمٍ للحقائق، فاتح لأبواب الخصام والحقد، كما أن الإنصاف هو زينة العلم، وعنوان الإخلاص والنصح والفلاح.
- الوصية الخامسة:-
عليك بالرجوع للعلماء الربانيين الراسخين في العلم فيما أشكل عليك لأخذ العلم عنهم وأخص العلم الشرعي وهى الطريقة المثلى لطلب العلم.
قال الإمام مالك رحمه الله: إن هذا العلم دين انظروا عمن تأخذوا دينكم.
وقال رحمه الله مبينًا ممن يؤخذ العلم :-
لا يأخذ العلم من أربعة: لا يؤخذ من سفيه, ولا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه, ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس وإن كان لا يتهم على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث.
وفقكم الله وزادكم الله من فضله .