شهدت عدن، مدينة النور والسلام، ليلة أمس ليلة ملتهبة. قبل الانفجار الذي حدث بدقائق، كنت عابرًا على خط التسعين في مدينة المنصورة. وبعد مروري من الموقع الذي وقع فيه الانفجار، وهو الموقع الذي اعتدت النزول فيه والمتقاطع مع خط التسعين العام، الطريق العابر إلى قاعة التاج للأعراس بجانب منزل والدي، بيت العائلة الكبير الذي يبعد نحو 200 متر فقط، والكائن في حي حاشد حيث يسكن إخوتي (العقيد والدكتور)، ويقع بجانبه بيت عمي (جد أولادي). بعد سبع دقائق من مروري في اتجاه جولة السفينة، اهتزت الأرض بدوي انفجار ضخم، وخلال ثوانٍ بسيطة وقع انفجار ثانٍ تلاه ألسنة لهب مرعبة أرعبت كل العابرين في خط التسعين. فهرولت الناس والسيارات باتجاهات مختلفة لهول الانفجار. وخلال دقائق، علمنا أنها محطة الغاز، وأن الصهريج الناقل كان واقفًا في المحطة لتفريغ الوقود... لأن الحافلة التي كانت تقلنا أسرعت بنا إلى جولة السفينة كبقية المهرولين فزعًا. وبالتواصل مع الإخوة والأقارب والجيران في حي حاشد المكتظ بالسكان، أكدوا لنا أنه كان انفجارًا لمحطة الغاز، وأن حرارة اللهب وصلت إلى كل الشوارع المجاورة لهم أيضًا.
يا سادة يا كرام، "مدينتي التهبت، والانفجار هز مدينة المنصورة وضواحيها في عدن بل وعدن الكبرى كلها. كان قويًا وسقط ضحايا من العمال في المحطة والمارة. وقالت مصادر إنهم 5 وفيات و6 إصابات بليغة بجروح، من المارة الذين كانوا متواجدين بسياراتهم، بينهم جثث تفحمت، فارتفع العدد إلى 18 وسط تضارب الأنباء وتأخر الدفاع المدني بحسب الكثيرين في الموقع نفسه... وبحسب تقديري، فإن ما ذُكر هي أرقام أولية... وأتمنى وأسأل الله أن تكون محدودة. لكن بحسب المكان والازدحام، أتوقع أن الإصابات أكثر، وهذا ما ستكشفه لنا الساعات القادمة.... والنهار له عيون. ما أوجعني هو أن هناك ثلاث جثث متفحمة تم انتشالها، وأن واحدًا منهم شاب يدعى (عبدالملك) ، وأن أهله وذويه تعرفوا عليه بمستشفى الجمهورية، وهو صاحب البسطة الذي يبيع الخضار لنا في تلك "المحطة" التي أنزل فيها شخصيًا حينما أزور إخوتي في البيت الكبير وبيت عمي... وما أوجعني أكثر أنه يعول أسرته، بناته وأمه، من خلال بسطة الخضار المتواضعة في الركن الملتهب ليلة أمس. رحمه الله.
تعازينا الحارة لكل ضحايا حادث الانفجار في منطقة حاشد بمديرية المنصورة في العاصمة عدن... قلوبنا تعتصر بالألم والحزن لفقدانهم... لم نعرف العدد بالضبط حتى لحظة كتابة هذه الأسطر، ولكننا نسأل الله أن يسكنهم فسيح جناته، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون. مع تمنياتنا للمصابين بالشفاء العاجل. كل الاحترام والتقدير لكل من قام بواجبه الإنساني والوظيفي في المدينة في هذه الليلة الملتهبة.
وللحديث بقية...
لكن كن مؤدبًا في حزنك، حامدًا في دمعتك، جسورًا في ألمك... فالحزن كما الفرح هدية من رب العباد، سيمكث قليلاً ويعود إلى ربه حاملاً تفاصيل صبرك ومعاناتك. والحمد لله على كل الأحوال، إنها مشيئة القدر... اللهم لك الحمد.
رحم الله الموتى وشفى الله المصابين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مدير مكتب الصحيفة في عدن