حينما شرفني الدكتور محمود محمد حمو بإهدائي نسخة من كتابه " مكة المكرمة .. تاريخ ومعالم " لم يساعدني الوقت لقراءته لسفري خارج المملكة ، وارجأت قرأته لما بعد عودتي حتى أستمتع بما يحتويه خاصة وأنه يتناول تاريخ ومعالم بمكة المكرمة .
وقبل أن أقلب صفحاته توقفت أمام ترجماته ، فالكتاب ترجم لعدة لغات هي " الإنجليزية ، الأوردية ، التركية ، الأندونيسية ، الكردية " ، وترجمته لهذه اللغات الخمس يعني أنه يحتوي على معلومات قيمة يشتاق لمعرفتها الكثير من المسلمين .
فما هي هذه المعلومات ؟
كان هذا هو السؤال الذي أخذت في البحث عن إجابته التي وجدتها داخل صفحات الكتاب الذي جاء في مائة وثلاثة واربعون صفحة من الحجم الصغير .
والكتاب كما يقول الدكتور محمود في مقدمته " يطوف بالقارئ في رحاب هذه البلدة المباركة بالكلمة والصورة ، لتكون الرحلة رأي عين ومتعة تصور ، يعرض له معالمها الثابتة ، وينقله إلى مواقعها التاريخية التي ارتبطت بأحداث مهمة " .
وما ميزه حرص المؤلف على أن يكون التعريف بمكة المكرمة هو البداية التي ينطلق منها ، فتناول موقعها ومناخها ، وتأسيسها يوم سكنها إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر ، ثم تطرق للحديث عن حكم خزاعة لها مدة من الزمن ثم تولي قريش الحكم بها .
وأشار للحديثين العظيمين اللذين شهدتهما مكة المكرمة عام ( 571 م ) ، الأول هزيمة أبرهة ملك الحبشة الذي أراد هدم الكعبة ، والثاني ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما شهدته مكة المكرمة بعد ذلك من دعوة للإسلام ، وتعرض النبي صلى الله عليه وسلم للأذى من قريش ، وما عاناه من أهل الطائف حينما ذهب إليهم ليدعوهم إلى الإسلام .
كما تطرق للحديث عن بيعة العقبة الأولى عام ( 621 م ) وبيعة العقبة الثانية ودعوة أهل يثرب للرسول عليه الصلاة والسلام للهجرة إليهم وتلبيته لتلك الدعوة ، وخروجه وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عليه ، وما تلى الهجرة من أحداث كانت أولاها غزوة بدر الكبرى ، وغزوة أحد ، وغزوة الخندق .
ثم خروج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة للهجرة ( 627 م ) بألف وأربعمائة من أصحابه يريد العمرة ومنع قريش لهم ، وتوقيع صلح الحديبية ، ثم حجة النبي عليه الصلاة والسالم في العام التالي .
وفي حديثه عن مكة المكرمة تطرق المؤلف للعصور التي مرت بها بدأ من العصر النبوي مرورا بالعصر الراشدي والعصر الأموي ، ثم العصر العباسي والعصر المملوكي والعصر العثماني ، والعصر السعودي الأول وعصر محمد علي باشا ، ثم العصر العثماني الثاني والعصر الهاشمي ، ثم العصر السعودي الذي قاده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يوم دخل مكة المكرمة في 8 / 5 / 1343 هـــ الموافق 5 / 12 / 1924 م ، تلا ذلك حديثه عن أسماء مكة المكرمة الثمان الواردة في القرآن الكريم ، وفضائلها وحرمتها ، وبعض أحكام الحرم المكي ، والإحرام من المواقيت .
وعن الكعبة المشرفة افرد المؤلف تفصيلا مختصرا عنها مبينا أنها " تقع في وسط المسجد الحرام ، وهي مربعة الشكل ، إلا أن جدرانها غير متساوية فعرض جدارها من جهة الباب ( 11.68 م ) ، ومن جهة الحج ( 9.90 م ) ، وما بين الركن الشامي واليماني ( 12.04 م ) ، وما بين الحجر الأسود والركن اليماني ( 10.18 م ) ، ويبلغ ارتفاعها ( 14 م ) ، ومساحتها عند قاعدتها ( 145م2 ) ، وتتجه أركان الكعبة إلى الجهات الأربعة الأصلية مع انحراف بسيط ، ففي الشمال : الركن العراقي ، وفي الجنوب : الركن اليماني ، وفي الشرق : الحجر الأسود ، وفي الغرب : الركن الشامي " .
وتحدث عن أسمائها ، وبنائها ، وعن الحجر الأسود الذي نزل به الأمين جبريل عليه السلام على الخليل إبراهيم عليه السلام ، فوضعه في الركن الشرقي من الكعبة المشرفة ، كما تناول الركي اليماني ، والملتزم والميزاب والشاذروان .
كما تناول الحديث عن كسوتها ، وأوضح أن ارتفاع الثوب الخارجي يبلغ ( 14.5 م ) ، ووصف الكعبة من الداخل ، وتحدث عن المطاف ، ومقام إبراهيم والحجر ( حجر إسماعيل ) ، وماء زمزم ، والصفا والمروة ( المسعى ) .
وأفرد صفحات للحديث عن تاريخ عمارة المسجد الحرام مبينا ان مساحته في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تقدر ما بين ( 1490 م2 ــ 2000 م2 ) ، فيما أصبحت الآن المساحة المبنية للمشروع 1.564 مليون متر مربع ، كما سيوسّع المساحة المتاحة للصلاة لتصبح 912 ألف متر مربع ، مختتما حديثه عن أبواب المسجد الحرام ومآذنه ،
وفي حديثه عن المشاعر المقدسة ابتدأ الحديث عن مشعر منى ، فالجمرات ومسجد الخيف ، ثم مزدلفة ، ومسجد المشعر الحرام ، ووادي محسر، وعرفات حيث جبل الرحمة ومسجد نمرة ، ووادي عرنة .
أما المعالم التاريخية والجغرافية التي تناولها فشملت مسجد التنعيم ، مسجد الجعرانة ، مسجد البيعة ، مسجد الجن ، مسجد الشجرة ، مسجد الراية ، مسجد الإجابة ، مقرة المعلاة ، قبر أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها ، جبل حراء ، جبل ثور ، جبل أبي قبيس ، جبل قعيقعان ، المحصب ، حنين ، بئر طوى ، عين زبيدة .
واعتبر المؤلف السيول التي دخلت مكة المكرمة من المعالم التاريخية خاصة سيل أم نهشل الذي أتى على المسجد الحرام في عهد عمر بن الخطاب ، وسيل ابن حنظلة عام ( 202 هــ ) ، والسيل الذي دخل المسجد الحرام عام ( 1039 هــ ) .
كما تناول أنفاق مكة المكرمة ، والمهن المكية ومنها السدانة والحجبة ن والسقاية ( الزمازمة ) ، والطوافة ، وتحدث عن المنشآت التعليمية والثقافية ومنها رابطة العالم الاسلامي ، ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة والزيارة ، ومكتبة الحرم المكي الشريف ، ومكتبة مكة المكرمة ، ومصنع كسوة الكعبة المشرفة ، ومعرض عمارة الحرمين الشريفين ، ومتحف مكة المكرمة للآثار والتراث ، ومشروع تعظيم البلد الحرام ، ومركز تاريخ مكة المكرمة .
وخصص الدكتور محمود حمو جزءا من كتابه للحديث عن المشاريع العملاقة بمكة المكرمة ومنها ساعة مكة المكرمة ، والتعليم ، والصحة ، والحدائق والمنتزهات ، والتجارة ، والصناعة ، واختتم المؤلف مؤلفه بالحديث عن قطار المشاعر المقدسة الذي يمثل نقلة بارزة في تاريخ النقل في الحج .
للتواصل
ashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com