كانت محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- المنزلة التي يتسابق المسلمون إليها، ويتنافسون عليها ويعملون جاهدين لبلوغها، وكيف لا وهو الذي وصفه ربه العليم الخبير بقوله: "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ" (القلم: 4).
وأرسله رحمة للعالمين، ووصف حرصه على مصالح أمته ورحمته بها وشفقته عليها، فقال سبحانه وتعالى:
"عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" (التوبة: 28).
وأمرنا بالصلاة والسلام عليه وبدأ ذلك بنفسه وثنى بملائكته فقال: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (الأحزاب: 56).
يقول سيدنا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: كنا في الهجرة وأنا عطشان جداً، فجئت بمذقة لبن فناولتها للرسول- صلى الله عليه وسلم- وقلت له: اشرب يا رسول الله، يقول أبو بكر: فشرب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى ارتويت.
لا تكذب عينيك فالكلمة صحيح ومقصودة، فهكذا قالها أبو بكر -رضي الله عنه-.
هل ذقت جمال هذا الحب؟ إنه حب من نوع خاص، فأين نحن من هذا الحب؟
يوم فتح مكة أسلم أبو قحافة (والد سيدنا أبي بكر) وكان إسلامه متأخراً جداً، وكان قد عمي، فأخذه سيدنا أبو بكر -رضي الله عنه- وذهب به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليعلن إسلامه ويبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ( يا أبا بكر هلا تركت الشيخ في بيته، فذهبنا نحن إليه) فقال أبو بكر: أنت أحق أن يؤتى إليك يا رسول الله، وأسلم أبو قحافة، فبكى سيدنا أبو بكر الصديق، فقالوا له: هذا يوم فرح، فأبوك أسلم، ونجا من النار، فما الذي يبكيك؟ قال: لأني كنت أحب أن الذي بايع النبي الآن ليس أبي؛ ولكن أبو طالب، لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر، -سبحان الله- فرحته لفرح النبي أكبر من فرحته لأبيه، أين نحن من هذا؟
ما رأيك في هذا الحب؟ سواد بن غزية يوم غزوة أحد، واقف في وسط الجيش، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للجيش" استووا -استقيموا-" فينظر النبي فيرى سواداً لم ينضبط، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- "استو يا سواد" فقال سواد: نعم يا رسول الله، ووقف مكانه ولكنه لم ينضبط، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بسواكه ونغز سواداً في بطنه وقال:"استو يا سواد" فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق فأقدني، فكشف النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بطنه الشريفة، وقال: "اقتص يا سواد" فانكب سواد على بطن النبي يقبلها، يقول: هذا ما أردت، وقال: يا رسول الله أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك..
ما رأيك في هذا الحب، وهو حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- واتباعه قولاً وفعلاً....، فعلموا أولادكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صفوة المصطفين وأكرم النبيين وخاتم المرسلين، وعلموهم أنه كان قبل البعثة الصادق الأمين، وبعدها الرحمة المهداة للعالمين، علموهم أنه دعوة إبراهيم، وبشارات موسى وعيسى، وإمام النبيين، علموهم أنه -صلى الله عليه وسلم- خير من بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، علموهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأنه النبي الذي أخذ الله له العهد على أنبيائه أجمعين، علموهم أنه - صلى الله عليه وسلم- كان بشراً يوحى إليه، وأنه الأسوة الحسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً، علموهم أن الله -تعالى- أقسم بحياته -صلى الله عليه وسلم- دون أحد من الأنبياء، فقال له: "لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ" (الحجر: 72).
وأن الله – تعالى- فضله في الخطاب على جميع الأنبياء والمرسلين، اغرسوا في قلوبهم محبته -صلى الله عليه وسلم- ومحبة آل بيته الطاهرين الطيبين، وذكروهم بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ومن أحبني فقد أحب الله). قولوا لهم: إن المؤمن لا يصدق ولا يذوق حلاوة الإيمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
ونشهد أنك قد أديت الأمانة، وبلغت الرسالة، ونصحت الأمة، وجاهدت في سبيل الله حتى أتاك اليقين، ونشهد أننا نحبك يا سيدي يا رسول الله، ونحب من يحبك، عسى أن يحشرنا الله بفضله وعفوه، ثم يذخر هذه المحبة في معيتك، ويوردنا حوضك، نشرب منه شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو مجلس إدارة شركة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية
التعليقات 1
1 pings
مهندس أحمد شاهين
24/10/2024 في 8:34 ص[3] رابط التعليق
صلي الله عليه وسلم