هي الأحساء بتمرها، وعطائها، وتاريخها، ورجالها.. تهدهد الروح مع مصب الماء في جريانه، وتخيط الأرض مشلحاً بزري الذهب والفضة..
لتسكب عطر الماضي جمالاً يتقاطر فوق تراثها، فهلا حدثتنا يا هجر الحب والطيبة عن أولادك وأحفادك؟
فكل حبة رملٍ منك وِردٌّ وصلاة، وكل قطرة ماء خرجت من قلبك تسبيحةٌ ودعاء، وكل حبة تمرٍ سقطت أنطقت جبين الأرض ورأس السماء.. وكل زرعٍ أنبتِّه قطافُ جنةٍ وعبق نقاء.. فدثريني بجلباب قيصريتك العبقة برائحة الهيل والزعفران، وزمليني بصوت ماء عيونك الهادر عذوبة في أعماق الوجدان..
فهناك عذوبة الكلمة، ورقة المعنى، وصفاء العشرة، وطيب المقام.. فباسقات الطرف من مدللات الحب الأزلي لترابك الطاهر.. تلك التي ترسم لنا ملامح الماضي على وجه المستقبل.. هي الأحساء وكفى!
وما أولهني لاحتضان صدر (الفريج الشمالي)، وتقبيل أكفه المبسوطة لي من (ساباط القريني إلى ساباط العليو، ومن براحة زكي إلى ساباط السماعيل).. فقد تتبعت آثارهم، وشممت عبق أريجهم الفائض بسقيا أرواحهم العطرة، فرحمهم الله رحمة الأبرار الأخيار..