المسارعة للتوبة :
التوبة لها منزلة عظيمة في موسم المغفرة فهى وظيفة جميع الشهور والأيام و الساعات وهي مفتاح الإعمال، فقد كان يعد عليه صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد اكثر من سبعين مرة استغفر الله واتوب إليه كما جاء في صحيح البخاري عن ابى هريرة رضي الله عنه وهو رسول رب العالمين والمعصوم من الرحمن الكريم وفي رمضان تكون المسارعة لها اشد والزام في هذه الأيام .
يقول ابن القيم – رحمه الله – عن التوبة : وهي أول منازل السائرين إلى ربهم وأوسطها وآخرها قال تعالى (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ)ق آية(33)
وجاء في تفسير الطبري في قوله : { وجاء بقلب منيب } يقول : وجاء الله بقلب تائب من ذنوبه، راجع مما يكرهه الله إلى ما يرضيه. كما ذكر عن قتادة، قوله أي منيب إلى ربه مقبل.
وقد وعد الله عباده التائبين ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُم وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَار ﴾ سورة التحريم اية 8
وَمِن رَحمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ أَن فَتَحَ لَهُم بَابَ التَّوبَةِ وَالإِنَابَةِ، وَالرُّجُوعِ وَالِاستِغفَارِ ، فَمَهْمَا كَانَ العَبدُ مُفَرِّطًا فِي جَنبِ اللَّهِ، مُسرِفًا عَلَى نَفسِهِ فِي مَعصِيَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ لَهُ فُرصَةً فِي العَودَةِ وَالإِيَابِ ، قَالَ تَعَالَى : حَم تَنزِيلُ الكِتَابِ مِن اللَّهِ العَزِيزِ العَلِيمِ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّولِ لَاإِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيهِ المَصِيرُ سورة غافر اية ٣
ومن لطف الله على عباده أن يسر عليهم شروط التوبة وهي :-
❶- أن تكون التوبة خالصاً لله.
❷- الإقلاع عن الذنب وعن أسبابه والعزم على ان لايعود سُئِلَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رضي الله عنه عَنِ التّوبَةِ النّصُوحِ فَقَالَ: « التّوبَةُ النّصُوحُ أَن يَتُوبَ الرّجُلُ مِنَ العَمَلِ السَّيِّئِ، ثُمّ لَايَعُودَ إِلَيهِ أَبَدًا».
❸- الندم على ما مضى من الذنوب رَوَى الأمام أَحمَدُ وَابنُ مَاجَه عَن ابنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « النّدَمُ تَوبَةٌ».
❹- إعادة الحقوق إلى أصحابها .
والحقوق تنقسم إلى قسمين:-
✿ حق الله :- هو التوحيد وإخلاص العبادة له وحده من صلاة وزكاة وصيام .
✿ حقوق العباد :- فإن كانت مالا رده إليهم، أو قذفاً طلب منهم العفو أو مكنهم منه ، أو غيبة استحلهم منها، فالواجب المبادرة للتوبة قبل طلوع الشمس من مغربها او اذا بلغت الروح الحلقوم لاتقبل التوبة بعد ذلك وقد وعد سبحانه بقبول توبة العبد قال تعالى : ﴿ فَمَن تَابَ مِن بَعدِ ظُلمِهِ وَأَصلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، المائدة ٣٩
ويترتب على تأخير التوبة أمور :-
✿ الندم يوم القيامة كما قَالَ تَعَالَى : ﴿ إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيهِم وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَلَيْسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذِينَ يَعمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ إِنِّي تُبتُ الآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُم كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعتَدْنَا لَهُم عَذَابًا أَلِيمًا ﴾، سورة النساء آيه ١٧
✿ إن من آخر التوبة فقد أرضى الشيطان الذي يسعى لحرمان العبد من الطاعة ويحبب إليه المعاصي فالتوبة من جميع الذنوب والمعاصي واجبة مع العزم على صيام وقيام رمضان إيمانا واحتسابا.
✿ نسأل الله التوفيق والسداد وأن يجعلنا من عتقائه من النار
