تقديم الدكتور عزام بن محمد الشويعر  

من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه -عز وجل-  في شهر رمضان الدعاء؛ قال الله تعالى : (وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرين)، [غافر 60]

❍ قال الخطابي : “معنى الدعاء استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منه المعونةَ. وحقيقته : إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرٌّؤ من الحول والقوّة، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه”

❍ قال تعالى : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‫ ‬[سورة البقرة:186]. ووقوع  آية الدعاء في وسط آيات الصيام،  يدل على أن الدعاء في رمضان له مزية وحرى بالإجابة.

وقد ثبت فضل الدعاء في الكتاب والسنة .

 قال تعالى : (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [سورة الانعام اية رقم 43]

قال تعالى  ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) [سورة النمل ايه 62]

❍ والدعاء عبادة عظيمة وقربة ، وامتثالاً لأمر الله .

عن النُّعمان بن بَشِير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إن الدعاء هو العبادة))، ثم قرأ : ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60] [رواه أحمد]

و دعوة الصائم مستجابة : 

❍ جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث مستجابات : دعوة الصائم ،ودعوة المظلوم ، دعوة المسافر ) [رواه الترمذي]

الدعاء من أفضل وأكرم الأمور على الله تعالى.

❍ عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : «ليس شيءٌ أكرمَ على الله من الدعاء». [رواه الترمذي]

ومن ترك الدعاء والتضرع لله عقوبته كما جاء في الحديث غضب عليه وعن أبى هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: “مَن لَم يَدْعُ اللهَ سبحانه غَضِبَ عليه” [رواه الترمذى]

أنواع الدعاء : 

❶- دعاء العبادة :-هو كل عبادة أمر الله بها وجوبًا أو استحبابًا، فإذا أدى المسلم أي عبادة فرضًا أو نفلاً فقد توسل بهذه العبادة إلى الله -عز وجل- 

❷- دعاء المسألة :- فهو الطلب من الله – تعالى – قضاء الحاجات التي يعينها العبد أو جلب منفعة او كشف ضر 

❍ شروط إجابة الدعاء 

❶- الإخلاص في الدعاء أن تدعو اللهَ وحدَه ولا تدعو سواه ،خوفاً وطمعاً، رغباً ورهباً، هكذا ينبغي أن يكون المسلم. قال تعالى :  (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا  ) [سوة الجن : 18] وقال تعالى : (هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [سوة غافر : 65]

❷- الاقتداء والاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم بالفعل والقول فهذا شرط في قبول العبادات والدعاء من افضل العبادات ، والعبادات مبناها على السنه والاتباع لا على الهوي والابتداع قال تعالى : ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) [سورة الكهف : 110]

مثل أن يأتي بأدعية من أحاديث موضوعة او مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم. 

أو يقوم  يدعو صاحب قبر  ويطلب حاجاته منه ومن دعاء غير الله (حياً او ميتا ً حاضرا ً او غائبا ً )طلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله  فقد أشرك بالله وتكبر عليه. 

أو يشرع ليوم معين دعاء وهو لم يثبت في السنة فهذا مردود عليه 

❸- احسان الظن بالله لما روى الترمذي (3479) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ ) . [رواه الترمذي]

❹- تجنب أكل الحرام  وشربه فإنه من موانع إجابة الدعاء. 

❍ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم… ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يا رب يارب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك .

❺- لا يدعو بقطيعة رحم أو أثم.

❍ عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم، أو قطيعة رحِم، ما لم يستعجل )) [رواه البخاري ومسلم]

❻- عدم الاستعجال .

❍ عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم، أو قطيعة رحِم، ما لم يستعجل)) قيل : يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال : ((يقول: قد دعوتُ، وقد دعوتُ، فلم أرَ يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدَعُ الدعاء))؛ متفق عليه

❼- التوسل لله بأسمائه وصفاته قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) [الأعراف:180] وأسماء الله تعالى توقيفية لا يجوز الزيادة فيها فيجب الوقوف فيها على الثابت في الكتاب والسنة 

❽- المسارعة للخيرات قال تعالى ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء آية (٩٠)

❾- التعبد لله بالدعاء. 

❍ قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله : ينبغي لمن دعا ربه سبحانه في حصول مطلوب، أو دفع مرهوب، ألا يقتصر في قصده ونيّته على حصول مطلوبه الذي دعا الله لأجله فحسب، بل يقصد بدعائه التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، وعبادته به، والتي هي أعلى الغايات.. 

❍ نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن فاز بعظيم الثواب والأجر في هذا الشهر الفضيل.