
رمضان شهر مبارك تتنزَّل فيه الرحمة وأي رحمةٍ؟ إنها رحمة المولى عز وجل الذي يتولَّى جميع المخلوقات على وجه الأرض برحمته.
إنه شهر البركة واليمن والخير والكرم والاحسان والفضائل شهر التقوى والنور والهدى والبر والمكرمات والطاعات والتسابق على المغفرة والرضوان والتوبة والاستغفار شهر لا يحمل معه إلا الخير العميم للناس أجمعين شهر يصب فيه الرب الخير صباً ويسوق فيه الأرزاق سوقاً لتشمل كل مخلوقاته لا يفتقر فيه أحد ولا يجوع فيه أحد ولا يغتم فيه أحد.
يتوب فيه المذنب ويثوب إلى الله ويستغفر ويراجع المخطئ نفسه ويفتح صفحةً جديدةً مع ربه ومع ذاته ومع الناس ويكون كما أراد الله له أن يكون يتعامل مع الغير بالفطرة التي فطره الله عليها وهي فطرة الاسلام التي تحضُّه على السلام بكل معانيه وصوره وأشكاله.
ومهما تخلله من بلاءٍ لن يكون بلاءً دائماً للمسلمين وانما لوقتٍ وجيزٍ ويغادر كما حصل في كل مراحل التاريخ فأمة الإسلام أمة مرحومة لن يهلكها الله بسنةٍ عامة أي عذابٍ عام يبيدها كالأمم السابقة عاد وثمود ولوط أمة الإسلام خير أمةٍ أخرجت للناس الخير باقٍ فيها إلى قيام الساعة والله لا يخلق شراً محضاً ففي طيَّات المِحَن مِنَح لذا ادفعوا البلاء بالتوبة والإنابة والاستغفار والتضرع لله بالدعاء.
أقول ذلك بكل ثقةٍ في ربي وفي وعده جل وعلا حين قال: إن مع العسر يسرا…وسيجعل الله بعد عسرٍ يسرا…وأنا عند ظن عبدي بي…وكذلك من منطلق معرفتي بشهر رمضان الذي حروفه رحمة ومغفرة وجنة وأمان ونور حيث توصَّل العلماء من خلال بحوثٍ علميةٍ حلَّلت حروف رمضان الخمسة إلى أن الراء رحمة والميم مغفرة والضاد ضمان للجنة والألف أمان من النار والنون نور من نور الله.
قال الباحث الدكتور محمد سعيد صبري أن من رحمة الله أن أكرمنا بمواسم الخيرات واختار رمضان لينزل فيه القرآن وهذا الشهر فيه تفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار وتغل مردة الشياطين لذلك نشاهد فيه إقبالاً كبيراً على العبادة لأن فيه ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر ومن قامها إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وكل هذا الشهر الفضيل رحمة ومغفرة وعتق من النار فالذي يكون على استقامةٍ وعليه بعض الصغائر ويدرك رمضاناً ويستقيم يكون شهر مغفرة والذي يدرك رمضاناً وهو عاص ٍثم يتوب يكون له عتقاً من النار وفيه يُزيِّن الله جنته في كل يوم ومن مكارمه أو مآثره الكثيرة إنزال القرآن في اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا جملةً واحدةً وفيه انتصر المسلمون على المشركين في معركة بدر في السنة الثانية من الهجرة وتم فتح مكة وتطهيرها من الأوثان والأصنام وفيه تم فتح الأندلس لينتقل الإسلام من جزيرة العرب إلى أوروبا سنة ٩١هـ وكذلك انتصار المسلمين على التتار في عين جالوت سنة ٦٥٨هـ وفيه تم فتح عمُّوريَّة على يد المعتصم وفيه شرع الله الصيام في السنة الثانية للهجرة والصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة وهو علاج لكثيرٍ من المشكلات الصحية والنفسية والجنسية والاجتماعية ومن مآثره أنه الشهر الوحيد الذي ذُكر في القرآن وإذا تمعَّنا في آيات الصيام وجدنا فيها معاني عظيمة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل والمسافر حتى يرجع والصائم حتى يفطر) وقال عليه السلام للصائم عند فطره دعوة لا تُرد).
سفير النوايا الحسنة
أديب وصحفي