في يوم التروية، تحوَّل مشعر منى إلى لوحة إيمانية ناصعة، اتشحت بالخيام البيضاء، وازدانت بقلوب الحجاج الذين وفدوا من كل فجٍّ عميق، متوشحين بملابس الإحرام، متجردين من زخرف الدنيا، باحثين عن مغفرة ربهم، وشاكرين أن بلّغهم هذه المناسك العظيمة.
في هذه المدينة البيضاء، أكبر مدينة خيام في العالم، يعيش الحجاج أجواء روحانية مفعمة بالأمان والسكينة. كل شيء قد أُعد لهم ، الماء متوفر، والمؤن كافية، والتجهيزات مكتملة. وقد سُخرت كافة طاقات الدولة لخدمتهم، بجهود لا تُضاهى، وبعطاء لا يعرف التراخي.
ولم تدّخر المملكة العربية السعودية – قيادةً وشعبًا – جهدًا في سبيل راحة ضيوف الرحمن، حتى غدت خدمة الحجيج نموذجًا يُحتذى في الإتقان والإخلاص.
تحية إجلال ووفاء لـ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أطال الله في عمره –، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – وفقه الله ورعاه، وللجنود المجهولين في الميدان الذين لا يعرفون للراحة سبيلًا، سعيًا منهم لتيسير أداء هذه الشعيرة العظيمة في أعظم أيام الله.
وفي هذا المشهد الإيماني المهيب، لا يسعنا إلا أن نرفع تحية تقدير وإكبار لأهل مكة المكرمة الطيبين، أولئك الذين اختارهم الله ليكونوا جيران بيته الحرام، وساق لهم العيش في أجواء عامرة بالفضيلة والعبادة طوال العام، في بقعة تتضاعف فيها الأجور وتُكتب فيها الحسنات بلا عدد ولا حساب.
تحية من القلب إلى من يقطن هذه البقعة المباركة على صبرهم وعزمهم ورضاهم بخدمة ضيف الله الكريم.
هنيئًا لمن خلقه الله وساق له السكن في هذه الأرض المقدسة، وهنيئًا لهم رضاهم وشغفهم بخدمة الحجيج واحتسابهم الأجر في كل خطوة وابتسامة وبذل.
لقد توّجهم الله – سبحانه وتعالى – بتاج الشرف، حين جعلهم في طليعة من يخدمون الحجاج والمعتمرين، في مشاهد تتكرر كل موسم، وتُروى بها سيرة أهل مكة الطيبين.
فاشكروا الله يا أهل مكة على هذه النعمة العظيمة، فإن النِّعَم تدوم بالشكر، والفضل يزداد بالحمد ، وما أعظم أن يجتمع لكم: شرف المكان، وفضل الزمان، وشرف الخدمة في سبيل الله ، والحمد لله أنني سعودي، ومكيٌّ مولدًا ومنشأً. اللهم سلم الحجاج وتقبل حجهم





