أوضح فهد بن عبدالعزيز العجلان، طالب جامعي، أن هناك مفاهيم مغلوطة منتشرة بين الشباب حول ممارسة الرياضة، حيث يرى كثيرون أن الإفراط في التمارين، خاصة تمارين رفع الأثقال، يضمن لهم صحة مثالية وجسمًا رياضيًا، لكن الواقع يُظهر أن الأمر ليس بهذه البساطة، بل قد تكون العواقب وخيمة على الصحة البدنية والنفسية.
وأشار العجلان إلى أن ما دفعه لطرح هذا الموضوع هو ما لاحظه من كثرة الشكاوى بين زملائه في الجامعة من آلام المفاصل والإرهاق المزمن والإصابات العضلية، رغم أنهم ملتزمون بالرياضة بشكل يومي.
وتحدث احد الطلاب وهو طالب في كلية الهندسة، عن تجربته الشخصية قائلًا:
“كنت أتمرن كل يوم تقريبًا دون أن أترك مجالًا للراحة، وبعد أشهر بدأت أشعر بآلام حادة في الكتف. راجعت الطبيب، وفوجئت أنني أعاني من التهاب بسبب الإجهاد الزائد.”
وأضاف نواف سعود، رياضي سابق:
“كنت أتدرب يوميًا لمدة ساعتين على الأقل، وأحيانًا ثلاث. الهدف كان الوصول لنتائج سريعة. لكن بعد إصابة في الركبة، اكتشفت أنني كنت أضغط على جسدي أكثر من اللازم. جلست شهرين في فترة علاج وتأهيل.”
وبيّن خالد الروقي ، لاعب محترف سابق، أن مفهوم “التمرين رغم التعب” كان سائدًا لديه، لكنه اكتشف خطورته لاحقًا:
“كنت أظن أن التمرين في حالة التعب دليل على الالتزام والصلابة، لكن بعد إصابتي المزمنة في الظهر، عرفت أن ذلك تهوّر، وليس بطولة.”
وقال محمد سعد، طالب في قسم العلاج الطبيعي:
“التمارين المفرطة تؤدي أحيانًا إلى تمزقات في الألياف العضلية الصغيرة، وإذا لم يحصل الجسم على راحة كافية، تتراكم هذه الإصابات وتتحول إلى مشاكل مزمنة.”
وأوضح عبدالرحمن خالد طالب في قسم التغذية، أن هناك مشكلة شائعة بين الرياضيين الشباب:
“الكثيرون يلجأون إلى مكملات غذائية من دون أي استشارة طبية، في محاولة لتعجيل النتائج. بعضهم لا يدرك أن الإفراط في البروتينات مثلًا قد يؤذي الكبد أو الكلى، خاصة إذا لم تكن هناك حاجة فعلية لها.”
وأشار عبدالله خالد ، شاب في العشرينات من عمره، إلى أنه كان يتدرب بشدة قبل زواجه:
“كنت أسعى لبناء جسم مثالي في وقت قصير، وكنت أتمرن بشكل متواصل دون راحة. النتيجة كانت أنني بدأت أفقد الطاقة، وأصبحت سريع الغضب ومتقلب المزاج. الآن أتمرن ٣ مرات أسبوعيًا فقط، وصحتي أفضل بكثير.”
وقالت غادة بنت احمد ، مدربة رياضية معتمدة في أحد فروع النوادي الرياضية النسائية :
“أصعب ما أواجهه مع المتدربين الجدد هو تصحيح الفكرة السائدة بأن التمرين المكثف أسرع طريق للنتائج. أشرح لهم دائمًا أن الراحة جزء أساسي من نجاح التمرين، وأي إهمال لهذا الجانب قد يكلّفهم صحتهم.”
كما أكّد الدكتور حسان المريسي، أستاذ في قسم التربية البدنية، في إحدى محاضراته:
“الجسم لا يبني العضلات أثناء التمرين، بل أثناء النوم والراحة. وإذا أرهقنا الجسم دون تعويض، فإننا ندمّره بدلاً من بنائه.”
واختتم العجلان مقاله بالتأكيد على أن الرياضة تظل ضرورة للصحة، ولكن بشرط أن تُمارَس بعقلانية ووعي. وقال:
“التوازن بين التمرين والراحة، التغذية السليمة، الاستماع إلى إشارات التعب، كلها عناصر أساسية لبناء صحة حقيقية. التمرين ليس سباقًا، ومن يرهق جسده بحثًا عن نتائج سريعة قد يخسر أكثر مما يكسب.




