المسؤولية الحقيقية لا تحدها المكاتب ولا المواعيد الرسمية، بل ترافق أصحابها حيثما وجدوا، وتكشف معدنهم في مواقف تختبر صدق نواياهم وإنسانيتهم. هذا ما يجسده الأستاذ عبدالخالق الزهراني، مدير عام فرع وزارة الإعلام بمنطقة مكة المكرمة، الذي يثبت يومًا بعد آخر أن المسؤولية رسالة، وليست منصبًا.
خلال زيارة مفاجئة لفرع الوزارة بمكة المكرمة، ودون موعد مسبق، التقيت (الزهراني) رفقة أحد الزملاء. وبقدر ما دار بيننا من أحاديث ودية، كان لفتته الإنسانية التي عاشها في موسم الحج لعام 1445هـ أكثر ما يعكس شخصيته.
يروي (الزهراني) .. أن معالي وزير الإعلام زار مقر الوزارة في المشاعر المقدسة للاطلاع على التجهيزات، وبعد مغادرته استعد الزهراني للانصراف، لكن الزحام الشديد اضطره إلى المبيت هناك. وفي صباح اليوم التالي، فوجئ بسيدة تونسية تستغيث: “ابني يموت .. أرجو المساعدة ..!”
توجه معها كما يروي ( الزهراني) إلى مكان قريب ليجد رجلاً أربعينياً منهكاً من التعب وحرارة الشمس، يتنفس بصعوبة. لم يتردد (الزهراني)، فأمر بنقله إلى مقر الوزارة، حيث تلقى الإسعافات الأولية حتى عاد إلى وعيه. كانت ملابسه مبللة بالعرق والاعياء وحرارة الأجواء قد أتعبته، فطلبوا منه أن يستحم، ثم ألبسوه إحراماً كان في الموقع ، ليعود إليه وعيه وعافيته .
يقول الزهراني : “بعد أن هدأت حالته، التفت إليّ قائلاً: من سخّرك لي؟ فأجبته: الله. ومنذ ذلك اليوم لم ينقطع هو ووالدته عن التواصل معي” فسبحان الخالق العظيم آتى بأمه ليحملها فبعثته للحياة .. إنها الأم .
هذه القصة ليست مجرد موقف عابر، بل شاهد حيّ على أن خدمة الناس واجب لا يرتبط بزمان أو مكان، وأن المسؤول الحق يظل على يقين بأن نفع الآخرين حيث يضعه الله هو أعظم وسام يمكن أن يحمله.




