لم تكن زيارتي إلى مجلس الشورى مجرد جولة في أروقة مؤسسة وطنية عريقة، بل كانت رحلة استكشاف إلى قلب التجربة التشريعية والرقابية التي تسهم في صناعة حاضر الوطن ورسم مستقبله.
منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها قدماي قاعة المجلس، شعرت بقدسية المكان وهيبته. الجدران تحكي قصصًا عن مسؤولية الكلمة وثقل القرار، والمقاعد التي يجلس عليها أصحاب الرأي والخبرة بدت وكأنها منصات لصياغة أحلام وطن بأكمله.
في أجواء يغلب عليها الاحترام والحوار البنّاء، أدركت أن مجلس الشورى ليس مجرد قاعة للاجتماعات الرسمية، بل مدرسة حيّة في فن النقاش وإدارة الاختلاف. هنا يتعلم المرء أن الاختلاف لا يفسد للود قضية، بل قد يكون طريقًا للإبداع والوصول إلى أنسب الحلول.
الأكثر إلهامًا بالنسبة لي كان رؤية كيف تُترجم قيم المشاركة والشفافية إلى عمل مؤسسي منظم، وكيف تُبنى القرارات على دراسات عميقة ونقاشات واعية، بعيدًا عن الارتجال أو العاطفة. لقد شعرت أن كل كلمة تُقال هناك تحمل وزنًا ومسؤولية تجاه الوطن والمواطن.
وبينما هممت بالمغادرة، وقفت أمام سجل الزيارات لأكتب انطباعاتي. وجدت نفسي أودّ لو أملأ كل الصفحات، فالكلمات كانت تتزاحم في عقلي وتتدفق عبر قلمي كسيل جارف، تعكس ما يختلج في نفسي من اعتزاز وفخر. لم يكن القلم يخط مجرد عبارات بروتوكولية، بل كان يسطر مشاعر صادقة عن عظمة المكان وأثره في الوجدان.
هذه الزيارة عمّقت إيماني بأن المستقبل الذي نطمح إليه يبدأ من مثل هذه المؤسسات، حيث تُغرس قيم الحوار، والمسؤولية، والمواطنة الفاعلة. لقد خرجت من مجلس الشورى لا أحمل مجرد ذكريات، بل أحمل إلهامًا ورسالة: أن لكل فرد دوره في المساهمة ببناء الوطن، سواء بالكلمة، أو بالقرار، أو بالفعل اليومي.
إنها تجربة ستبقى علامة مضيئة في مسيرتي، وتجعلني أكثر يقينًا بأننا في وطن يضع المشاركة أساسًا للتقدم، والشورى ركيزة للنهضة؛ فهنا يبدأ المستقبل، ومن هنا يشرق الأمل.




