ثورات الربيع العربي كانت علامة فارقة في تاريخ الأمة العربية .. ومهما اختلفت الآراء حولها فإنها تبقى لحظة وعي جماعي حاول فيها الناس أن يقولوا كلمتهم بعد سنوات طويلة من الصمت ..
أعترف أنني في البداية لم أحبذ تلك الثورات ، ليس خوفاً منها ولكن لأنني كنت أخشى على أوطاننا من الفوضى والانقسام .. فالثورات عادةً تأتي بشعارات براقة لكن نتائجها قد تكون مؤلمة إن لم تُحسن إدارتها !!
ومع ذلك فإن القسوة المفرطة في القمع والعنف الوحشي الذي مارسته بعض الأنظمة جعلتني أقف بكل قوة مع الثورة السورية والثورة الليبية فهما لم تكونا سوى صرخة شعب مظلوم في وجه أنظمة ديكتاتورية مريضة لا تعرف سوى الحديد والنار .. والحمد لله سقطت تلك الأنظمة وإن كان الثمن باهظاً !!
أما الثورة المصرية فكانت حالة مختلفة فلم يكن هناك قمع دموي ولا براميل متفجرة بل كان المشهد أقرب إلى حوار داخلي بين السلطة والشعب .. أذكر أنني كنت وقتها في المدينة المنورة أدعو لمصر بالخير وأدعو أن تمر أزمتها بسلام .. حزنت لرحيل الزعيم محمد حسني مبارك فقد تعامل مع الموقف بحكمة وهدوء ولم يهرب أو يتنصل من مسؤوليته بل واجه الأحداث بشجاعة ووطنية كما يليق بجندي خدم وطنه طويلاً .
وما يجرّني اليوم للحديث عن تلك الثورات هو ما يحدث من مظاهرات في المغرب
هذا البلد الجميل الذي نحبه جميعاً بشعبه الطيب الكريم وتاريخه العريق .. إن ما نتمناه للمغرب ولأي بلد عربي هو أن تُدار الأمور بالحوار لا بالصدام وأن يُسمع صوت الشباب وتُنفذ الإصلاحات بسرعة وحكمة .. فالمغرب يستحق أن يبقى واحة استقرار ونمو تُحفظ فيه كرامة المواطن ويُصان فيه أمن الوطن .
فالدرس الأكبر من كل تلك التجارب أن الإصلاح الحقيقي لا يولد من الفوضى
بل من الحوار الصادق والإرادة الوطنية التي تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار .
ختاماً :
ولنعلم جيداً ولنحذر أن هناك أعداءً ومتربصين ينتظرون فرصة الفوضى والخراب في بلادنا العربية، يتخفّون وراء الشعارات ويتمنون سقوط الأوطان قبل الأنظمة
لكن وعي الشعوب العربية اليوم أكبر وأعمق .. ولن يُلدغوا من الجحر مرتين .
ـــــــــــــــــ
*كاتب واديب كويتي





