في زمنٍ تكاد المصالح تُطفئ أنوار المروءة وتضيق الصدور بمساحات الوفاء .. تبقى بعض المواقف شاهدةً على عظمة الإنسان حين يرتقي فوق الجراح ويغرس الخير في أرضٍ لا يُرجى منها ثناء !!
من أقسى المشاهد أن ترى إنساناً كان يوماً في موقع القيادة أو التأثير .. يختنق فجأة في ظلمة التهميش يُقصى بلا تفسير ويُكسَر صوته في النقابات أو الاتحادات أو الجمعيات التي خدمها بإخلاص فيلزم بيته مكسور الخاطر لا لضعفٍ فيه
بل لأن الساحة ما عادت تُنصف أصحاب العطاء !!
لكن النُبلاء لا تغيب عنهم هذه الملامح
يظهر من بينهم من يرى في سقوط الآخرين
فرصة للوفاء لا الشماتة .. فيمد يده لذلك الذي أُبعد
لا ليُعيده لما كان عليه .. بل ليفتح له باباً جديداً ويخلق له مساراً آخر يُعيد له اعتباره وثقته بنفسه !!
قد لا يعود كما كان لكنه يعود واقفاً
شامخاً .. ممتناً للحياة إن لم يكن للناس !!
الأجمل في هذه المواقف أن صاحبها لا ينتظر شكراً
ولا يُرهق قلبه بما سيكون موقف ذلك العائد لاحقاً
فليس كل من نُصِرَ سيبقى وفياً وليس كل من أُعين سيذكر المعروف .. لكن النُبل الحقيقي يكمن في أنك غيّرت طريقه
ورفعت رأسه .. وساهمت في بناء عودته دون أن تسأل : “ ماذا سأجني ؟”
هذا هو السمو الذي لا يُقاس بالتصفيق
بل يُوزن في ميزان الإنسانية ..
فصنّاع النور لا ينتظرون الاعتراف
بل يكفيهم أنهم أضاءوا عتمة الآخرين
ومضوا !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب وأديب كويتي





