يُعد ملتقى الصحة العالمي 2025 والذي تحتضنه العاصمة الرياض من أبرز المنصات الدولية لتبادل المعرفة والخبرات في المجال الصحي، حيث جمع هذا الحدث نخبة من القيادات الصحية، والأطباء، والباحثين، والمهتمين بالصحة العامة من مختلف دول العالم، تحت سقف واحد يسوده الشغف بالتطوير والابتكار.
منذ اللحظة الأولى لوصولك لموقع الملتقى تجد حسن التنظيم ودقة التنسيق، والاهتمام الكبير بتفاصيل التجربة الإنسانية للزائر.
حيث تقام الفعاليات والعروض التقنية و المحاضرات العلمية وكذلك وجود مساحات تفاعلية أتاحت للحضور الحوار المباشر مع المختصين ، وتبادل الرؤى حول مستقبل القطاع الصحي في ظل التحولات التقنية المتسارعة.
ومما يميز الملتقى هذا العام شعاره الملهم “الابتكار من أجل صحة الإنسان”، الذي يعكس بوضوح التوجه العالمي نحو توظيف التكنولوجيا الحديثة، والذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي في خدمة صحة الإنسان وتعزيز جودة الحياة.
كما تنوعت العديد من المبادرات الوطنية والعالمية التي تهدف إلى تطوير أنظمة الرعاية الصحية، وتحسين تجربة المريض، وتوظيف البيانات الضخمة في تعزيز كفاءة التشخيص والعلاج.
ويشهد الملتقى حضورًا لافتًا من الهيئات الصحية السعودية التي عرضت مشروعات نوعية تُترجم توجهات رؤية المملكة 2030 نحو بناء نظام صحي متكامل يقوم على الوقاية، والتثقيف الصحي، والاعتماد على الحلول الرقمية الذكية. وقد سرّني أن أرى حجم التقدم الذي أحرزته الجهات المحلية في تبني الطب الافتراضي، والخدمات الصحية الإلكترونية، التي أصبحت اليوم جزءًا أساسيًا من منظومة الرعاية الحديثة.
ومن خلال إحدى الجلسات الحوارية ، تناولت النقاشات مستقبل الصحة النفسية في ظل الثورة الرقمية، وهو موضوع بالغ الأهمية، خاصة في عالم يشهد ضغوطًا متزايدة وتحديات متسارعة. وقد أجمعت المداخلات على أن رعاية الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الجسدية، وأن التوازن بينهما هو الأساس في بناء إنسان منتج وسعيد.
وكذلك يمكن الاطلاع على تجارب عالمية رائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر للأمراض المزمنة، مثل السرطان وأمراض القلب والسكري، مما يعزز الأمل في مستقبل صحي يعتمد على الوقاية والاستباقية بدلًا من العلاج التقليدي.
ولم يقتصر الملتقى على الجانب العلمي فحسب، بل كان أيضًا مساحة للتواصل الإنساني والتعارف بين مختلف الثقافات المهنية. فقد التقيت بعدد من الخبراء والباحثين الذين شاركوني رؤاهم حول أهمية بناء شراكات دولية في مجالات البحث الطبي والتعليم الصحي المستمر.
والزائر للملتقى سوف يجد كل الرضا والفخر ، نتيجة ما سيشاهده من عمل مؤسسي، يهدف ويحرص على الابتكار والتطوير في تقديم الخدمات الصحية ويلمس الجهود الوطنية المبذولة للارتقاء بالمنظومة الصحية بما يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030. في تجسيد انطباع عميق أن الصحة أصبحت لغة عالمية تجمع بين العلم والإنسانية، وبين الابتكار والمسؤولية. فالاهتمام بالصحة لم يعد خيارًا، بل هو ركيزة أساسية في بناء المجتمعات المزدهرة والمستقبل المستدام.
إن ملتقى الصحة العالمي 2025 لم يكن مجرد حدث، بل تجربة معرفية وإنسانية ملهمة تؤكد أن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الحقيقي الذي يثمر تقدمًا، وازدهارًا، وسعادةً للمجتمع بأسره.







