في تحولٍ تاريخي غير مسبوق في المشهد السياسي الأمريكي، فاز المرشح المسلم زهران مامداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، ليكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الانتخابات الأمريكية التي طالما هيمنت عليها اللوبيات السياسية والمالية لعقودٍ طويلة.
الفوز المفاجئ لــ(مامداني) جاء رغم أن استطلاعات الرأي مطلع عام 2025 كانت تشير إلى أنه لن يتجاوز نسبة 1% من الأصوات، إلا أن النهاية جاءت مغايرة تمامًا، ليحقق فوزًا كاسحًا عُدَّ انتصارًا لصوت الشعب ضد نفوذ المال والسياسة.
جيل الشباب كلمة السر
أحد أبرز عوامل هذا التحول تمثل في الجيل الشاب ، الذي تفاعل بقوة مع الأحداث الجارية في غزة، واعتبر موقف مامداني الصريح من القضية الفلسطينية دافعًا رئيسيًا لدعمه.
فقد كان من بين القلائل الذين وصفوا ما يجري في غزة بـ”الإبادة الجماعية”، وهو تعبير نادر الاستخدام في الخطاب السياسي الأمريكي، خاصة من مرشح يسعى لمنصبٍ رسمي.
هذا الموقف الجريء أكسبه احترام الشباب، الذين رأوا فيه صوتًا حقيقيًا يعبر عن قناعاتهم، لا عن مصالح الأحزاب.
موقف لا يساوم
في مناظراته الانتخابية، أكد (مامداني) أنه لن يسافر إلى إسرائيل كما وعد بقية المرشحين، قائلاً بثقة: “أنا أترشح لمنصب عمدة نيويورك، وسأبقى هنا لأخدم سكانها”.
هذا التصريح لاقى صدى واسعًا في الأوساط الشعبية، ورسّخ صورته كمرشح صادق يضع أولويات مدينته فوق كل اعتبار سياسي.
الإعلام واللوبيات.. ومعركة لم تكسبها السلطة
واجه (مامداني) حملة إعلامية شرسة واتُهم بـ”معاداة السامية”، وحاولت عدة قنوات تشويه صورته أو إقصاءه من المشهد ، إلا أنه واجه ذلك بابتسامة وثقة، مكتفيًا بالقول:
“أنا ابن نيويورك، وسأهتم بخفض تكاليف المعيشة والارتقاء بالخدمات العامة”.
رغم كل ما أُنفق لإسقاطه، فشلت تلك الحملات، وخرجت النتيجة النهائية لتؤكد أن صوت الشعب أقوى من المال والإعلام.
رد فعل في وجه اليمين
فوز (مامداني) جاء أيضًا كرد فعل على اليمين الأمريكي المتشدد، الذي قاده الرئيس الأسبق دونالد ترامب بخطابه العدائي ضد من ينتقد إسرائيل ، لكن هذا الجيل الجديد من الأمريكيين قرر أن يقول كلمته، رافضًا خطاب التخويف، ومؤكدًا أن الحرية والعدالة قيم لا تُجزّأ.
رسالة إلى العالم
بهذا الفوز، لم يكن (مامداني) مجرد عمدة جديد لنيويورك، بل رمزًا لتحولٍ اجتماعي وسياسي عميق في الولايات المتحدة، حيث تمكن مرشح مسلم من كسب ثقة ملايين الناخبين رغم محاولات التهميش والتشويه.
إنه، كما وصفه بعض المراقبين، “نقطة تحول في التاريخ الأمريكي الحديث”، ودليل على أن زمن الإقصاء قد بدأ يتراجع أمام وعيٍ شعبيٍ جديد يؤمن بالإنسان أولًا.




