في مساء يوم 31 أكتوبر المنقضي وفي وادي صفار بالدرعية، كان المشهد الثقافي والسياحي بالمملكة على موعد مع حدث سنوي مهم في الذاكرة الوطنية، ألا وهو "موسم الدرعية" (2225- 2026م)، والذي تنظمههيئة تطوير "بوابة الدرعية" تحت شعار "عزّك وملفاك"، إذ يحتفي هذا الموسم بإرث الدرعية الثقافي والتاريخي، مقدماً في الوقت نفسه تجربة شاملة تعكس أصالة المكان وروحه، لا سيما وأن الدرعية ذات خصوصية تاريخية ووطنية مميزة، فهي أول عاصمة سعودية تاريخياً، إذ كانت عاصمة الدولة السعودية الأولى (1744- 1818م).
ويمتد الموسم لنحو خمسة شهور في الفترة ما بين (1 نوفمبر 2025م- 23 مارس 2026م)، ويضم الموسم بنسخته الجديدة أكثر من 11 برنامجاً متنوعاً في 10 مناطق داخل وخارج الدرعية، صُممت وفق معايير عالمية مبتكرة لتقديم تجربة استثنائية تناسب مختلف الفئات، وتحكي قصة تجمع بين أصالة الماضي وإبداع الحاضر، مستحضرة قيم الوحدة والفخر بالهوية الوطنية المتجذّرة في الدرعية، والتي تضم بين جنباتها "حي الطريف" وهو أحد المواقع الموضوعة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 2010م، وكان مقراً لحكم الدولة السعودية الأولى.
والأمر اللافت للنظر أن "موسم الدرعية" لا يمثل فقط حراكاً ثقافياً متجدّداً يستلهم الماضي ليستشرف المستقبل، ولكنه أيضاً يتناغم بقوة مع مستهدفات "رؤية المملكة 2030" في تعزيز جودة الحياة وتطوير الوجهات السياحية المستدامة.
إذاً.. الدرعية ليست مجرد وجهة سياحية، بل حكاية وطنية تُروى من جديد عبر الفنون والتراث والطبيعة، وهو ما تمت ترجمته عبر "الهوية البصرية" للموسم والتي تحمل شعار "عزّك وملفاك"، إذ استُلهمت من طبيعة الدرعية ومعمارها النجدي ومن مشاهد وادي حنيفة، لتعكس قيم الفخر والريادة وكرم الضيافة التي تمثل جوهر المكان، فالشعار "عزّك وملفاك" جاء ليعبّر عن جوهر الهوية، فالعزّ هو الفخر بتاريخنا العريق، والملفاك هو كرمنا واستقبالنا للعالم، تمامًا كما كانت الدرعية دائمًا موطن اللقاء والعطاء.
أما ما يتعلق بأهم برامج الموسم وفعالياته المتنوعة ذات المحاور: الثقافية والتراثية والفنية والسياحية، فإن جميع الفعاليات والبرامج أقد ُعدت بمعايير عالمية لتقديم تجربة ثقافية وإنسانية متكاملة للزوار من داخل المملكة وخارجها، مع التركيز على إشراك المجتمع المحلي وتعزيز دوره في إحياء الموروث ونقله للأجيال الجديدة.
ومن أبرز برامج وفعاليات الموسم، ليالي الدرعية في حي المريّح، والذي يجمع بين العروض الموسيقية الحية والفنون البصرية وتجارب التذوق الراقية.
وهناك أيضاً سوق الموسم في منطقة الطوالع، الذي يحتفي بثقافة كيوتو اليابانية بمناسبة مرور 70 عاماً على العلاقات السعودية- اليابانية، وكذلك مهرجان الطين في حي الطريف، وهو يُعد ملتقى للمعماريين والمهتمين بفنون العمارة النجدية، بينما يُقدّم حيّ سمحان ورشات عمل فنّية.
كما يوجد مهرجان الدرعية للرواية في حي البجيري، الذي يحتفي بفن السرد والحكاية العربية، بجانب "صدى الوادي".. وهو برنامج يستعيد الفنون الشعبية مثل السامري والألوان الشعرية والموسيقية الأصيلة، إضافةً لـ "مسلّية، والحويط"، الموجه للأطفال والعائلات في حي الظويهرة، لتجربة ترفيهية تثقيفية مستوحاة من تراث المنطقة. كما يسعى برنامج "منزال" إلى تقديم تجربة سعودية فاخرة مطلّة على وادي صفار.
يذكر أن "هيئة تطوير بوابة الدرعية" تعمل بالشراكة مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة لتفعيل برامج ومبادرات "موسم الدرعية" لضمان تحقيق أهدافها في إبراز القيمة التاريخية والبيئية والثقافية للدرعية، إذ يشكل الموسم خطوة جديدة نحو تحويل الدرعية إلى وجهة عالمية للثقافة والتراث والتاريخ.
ــــــــــــــ
(*) رائد أعمال.





