في زمن قلّت فيه المواقف وندر فيه الثبات، زمن يتكاثر فيه الضجيج ويقل الفعل
يبرز رجالٌ لا تصنعهم الأضواء، بل تصنعهم الأفعال، وتُخلّدهم المواقف، وتكتب أسماؤهم في قلوب الناس قبل السجلات. رجالٌ لا يُروّجون لأنفسهم، لأن أفعالهم تتحدّث عنهم، ولأن المواقف العظيمة لا تحتاج من يدلّ عليها.
ومن بين هؤلاء الرجال، يتقدّم اسمٌ لامع، ووجهٌ مشرق بالخير، وعطاءٌ لا ينضب ويدٌ تُجيد الكرم كما تُتقن الصمت.
إنه الأستاذ رياض بن علي بن فرحان آل عساف، الذي لم يكن مجرد اسم، بل كان عنوانًا للإنسانية في أبهى صورها، ورمزًا للبذل والعطاء.
يُلقّب بـ “هِمّة”، وليس ذلك من فراغ، لا لأن اللقب أُطلق عليه، بل لأن الهِمّة خُلقت فيه، فهو صاحب النفس العالية، والطموح اللامحدود، الذي كلما رأى حاجةً بادر، وكلما سمع عن ضيقٍ كان أول من يمدّ يده، لا يسأل عن التفاصيل، بل يسأل: “كيف أُسهم؟” و*”ماذا أقدّم؟” حتى صار اسم “رياض” مرادفًا للخير، وصورة تُرسَم حين يُذكر الإحسان.
“من يُشبهك؟ لا يُقاس الرجال إلا بأفعالهم،
وما كل من حمل الاسم استحق المكان.”
لقد سطّر الأستاذ رياض مواقف إنسانية لا تُعدّ ولا تُحصى، وقفات كانت سببًا بعد الله في تفريج كرب، وسدّ حاجة، ورفع ألم عن ملهوف، وإحياء أمل في قلب من ظن أن الدنيا قد أغلقت أبوابها.
كأنما قلبه خُلق من رحمة، ويداه مفاتيح للفرج.
وقد قيل في أمثاله:
“إذا هبَّت رياح الخير، فالناس أصنافٌ…
و”هِمّة” رياض دومًا في المقدمة.”
ما كان يومًا طالبًا للثناء، بل يعمل بصمت، ويمنح بسخاء، ويؤمن أن ما يُخفى أعظم أجرًا، وأن ما يُعطى لوجه الله يبقى وإن غاب عن العيون.
إن الحديث عن الأستاذ رياض هو حديث عن هِمّة لا تفتر، وعزيمة لا تنكسر، وإنسانية تنبض بالعطاء في زمن الصخب والمصالح.
هو من أولئك الذين يتركون فيك أثرًا بمجرد لقائهم، ويزرعون في روحك يقينًا أن الخير ما زال حيًّا، وأن الدنيا ما زالت بخير بوجود رجالٍ مثله.
فكم من بابٍ أُغلق فكان مفتاحه،
وكم من حاجزٍ قام فكان يدًا تُزيله،
وكم من حلمٍ تاه، فكان هو الدليل إليه.
يا من تُشبه نخيل طيبة، لا تميل مهما اشتدت الرياح،
يا من ترى في كل ضيق فرصة للعطاء، وفي كل دمعة سببًا للسعي.
ويكفيه فخرًا أن من دعا له لم يكن يعرف اسمه،
بل عرف أثره… والأثر لا يُخفى.
فيا أبا علي، يا من لك في القلب مقام، وفي الدعاء نصيب،
نسأل الله أن يبارك في عمرك، ويزيدك من فضله،
وأن يجعل كل ما تبذله نورًا لك في الدنيا والآخرة.
دمت كما عرفناك، سندًا للمحتاج، ووجهًا مشرقًا في زمنٍ مُعتِم،
دمت “هِمّةً” لا تخبو، ورمزًا لا يُنسى.




