لم تكد أعمال الدورة الـ (26) للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة التي استضافتها المملكة تختتم أعمالها حتى استضافت الرياض المنصة الرائدة والأولى من نوعها على مستوى العالم، وهي فعاليات النسخة الأولى من منتدى "تورايز" والتي أقيمت بمركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات في الفترة ما بين (11- 13) نوفمبر الجاري، تحت شعار "الخطوة الضخمة المستقبلية"، وذلك تحت رعاية كريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-.
شهد المنتدى مشاركة واسعة ضمت نخبة من القادة وصنّاع القرار والمبتكرين وأصحاب الرؤى العالميين في قطاع السياحة، إذ استقطب أكثر من 140 متحدثًا دوليًا من نخبة القادة وصنّاع القرار والمبتكرين والرواد في قطاع السياحة العالمي، من بينهم: "أريان غورين".. الرئيس التنفيذي لمجموعة "إكسبيديا"، و"غلوريا جيفارا".. الرئيسة التنفيذية المُكلّفة للمجلس العالمي للسفر والسياحة، وشيخة ناصر النويس.. الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، و"لويس ماروتو"..الرئيس والمدير التنفيذي لشركة "أماديوس"، و"فرانسيس سواريز".. عمدة مدينة ميامي، وغيرهم.
كما شهد المنتدى أكثر من 40 جلسة حوارية، وأكثر من 15 ورشة عمل تناولت أربعة محاور رئيسة، وهي: مواجهة التحديات، واستثمار فرص النمو، وتحفيز الاستثمارات الكبرى، وتطوير السياسات المستقبلية، فيما بحثت الجلسات في موضوعات نوعية تواكب التحولات المتسارعة في قطاع السياحة العالمي، من بينها: الذكاء الاصطناعي في السياحة، والنماذج الاستثمارية الجريئة، وتجارب السفر المتجددة، والسياحة التي توازن بين الإنسان والكوكب، علماً بأن المنتدى قد ساهم في تحفيز استثمارات بقيمة 113 مليار دولار تهدف إلى تعزيز قطاع السياحة العالمي، وتسريع وتيرة تحوّله، وضمان ازدهاره المستدام.
وقد أصاب معالي الأستاذ/ أحمد بن عقيل الخطيب.. وزير السياحة ورئيس مجلس إدارة المنتدي.. كبد الحقيقة في كلمته الافتتاحية لفعاليات المنتدى عن أهميته ودوره في المشهد السياحي العالمي بقوله: "منصة (تورايز) ليست مجرد فعالية، بل منصة عمل مشتركة سنواجه من خلالها التحديات التي لطالما أعاقت إطلاق الإمكانات الكاملة لقطاع السياحة، بما في ذلك تحديات المهارات، والاستثمار، والبنية التحتية، والاستدامة، والتحول الرقمي" مضيفاً: "من خلال هذه المنصة، سنعمل جنبًا إلى جنب لتحقيق أفضل النتائج للجميع من خلال توفير عوائد مجزية للمستثمرين، ووجهات يسهل الوصول إليها وتجارب مميزة بأسعار مناسبة للمسافرين، إلى جانب استحداث فرص عمل وتعزيز الازدهار للمجتمعات المحلية مع تزايد الطلب على السفر. نحن هنا لا لنتبادل الأفكار فحسب، بل لنحوّلها إلى أفعال حقيقية تحدث فرقًا على أرض الواقع، ولهذا السبب وُجدت (تورايز)".
وخلال فعالياته، أطلق المنتدى مبادرة رائدة تحمل اسم "التأشيرة عبر الملف الشخصي"، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم، والتي تمّكن حاملي بطاقات "فيزا" المؤهلين الراغبين في زيارة المملكة من الحصول على معالجة سريعة لتأشيراتهم، حيث يمكن للمسافرين المؤهلين الحصول على تأشيرتهم السياحية الإلكترونية خلال دقائق معدودة من خلال استخدام بيانات جواز السفر وبطاقة "فيزا" فقط.
وقد أعدت المبادرة، الهيئة السعودية للسياحة، وتم تطويرها بالشراكة مع وزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، ووزارة السياحة، بالتعاون مع شركة "فيزا"، والبنوك المشاركة في المبادرة.. وتهدف إلى تقليل التحديات أمام السفر، واستقطاب السياح، وتسريع إجراءات اتخاذ القرار بشأن التأشيرات من خلال التكامل الرقمي والتعاون التنظيمي.
وتعتمد المبادرة على تقييم الجدارة الائتمانية للمسافرين لضمان الملاءة المالية، بما يسهم في تلبية متطلبات الدول وتسهيل إجراءات الموافقة لملايين المسافرين الجدد حول العالم, وستكون المبادرة متاحة أمام البنوك الراغبة في المشاركة، على أن تُطلق في عام 2026م، مع استمرار التوسع تبعًا لانضمام المزيد من البنوك إلى الشراكة، وبقية مقدمي البطاقات الائتمانية.
ومن ناحية أخرى، شهدت مشاركة صندوق التنمية السياحي - المُمكّن الوطني للقطاع السياحي- في المنتدى توقيع اتفاقيات نوعية بقيمة تتجاوز 700 مليون ريال سعودي، إذ تُعد هذه الاتفاقيات امتدادًا لإستراتيجية الصندوق وحرصه على تطوير وجهات سياحية متكاملة تدعم مبادئ الاستدامة والحوكمة، من خلال مشاريع تولي اهتمامًا لإدارة الموارد الطبيعية، وإسهامات المجتمعات المحلية، بما يدعم الارتقاء بتجربة الزائر وتعزيز تنافسية القطاع السياحي، وفق تطلُّعات "رؤية المملكة 2030".
ومن بين أبرز الاتفاقيات في هذا السياق: الإعلان عن مشروع "باسقات مانتيس" في منطقة العيينة عبر صندوق مُدار من قبل "جي آي بي كابيتال" وبالشراكة مع شركة التصميم والتنفيذ المحدودة كمطور للمشروع، ويُعد المشروع أكبر منتجع لعلامة "مانتيس" في العالم. وكذلك، الإعلان عن توقيع اتفاقية مع شركة الاختيار الحديث للتطوير العقاري لتطوير فندق "إيرث" في مدينة الرياض، حيث يقدم الفندق نموذجًا معاصرًا للضيافة المستدامة التي تجمع بين التصميم العصري والأصالة السعودية، ويضم مساحات عمل مشتركة، ومناطق إبداعية، ومراكز لياقة، إلى جانب مطعم "إيرث براسيري"، ويهدف المشروع إلى تعزيز بيئة ضيافة متوازنة تدعم التجربة المجتمعية وتنسجم مع التوجه نحو تطوير منشآت فندقية ترفع من جودة التجربة للزوّار والمجتمع.
أيضاً، أبرم الصندوق مذكرة تفاهم إستراتيجية مع شركة "تطوير البلد" لاستكشاف فرص التعاون في دعم وتمكين مشاريع القطاع الخاص ضمن منطقة جدة التاريخية، بما يسهم في إبراز تراث المنطقة وتوظيفه في تنمية القطاع السياحي.
إلى ذلك، أعلن المنتدى عن الوجهات العالمية الفائزة بجوائز "تورايز 2025م"، وذلك ضمن مبادرته الدولية التي تحتفي بالمدن التي تبني جسورًا ثقافية بين الشعوب، وتمنح الزوار تجارب سياحية استثنائية، حيث اختيرت الوجهات الفائزة من قبل لجنة تحكيم مستقلة تضم نخبة من القادة والخبراء من مؤسسات عالمية مثل: "فوربس ترافل جايدز"- "ميشلاين جايدز"- "تات مودرن"- مجلس الأزياء البريطاني.
وشملت الجوائز خمس فئات رئيسة هي: "الفنون والثقافة، والمغامرة، والأطعمة وفنون الطهي، والتسوق، والترفيه"، وقد تصدرت طوكيو المشهد العالمي بحصولها على الجائزة الكبرى لأفضل وجهة شاملة، إلى جانب جائزتي أفضل وجهة للأطعمة وفنون الطهي وأفضل وجهة للترفيه.
فيما نالت نيويورك جائزة أفضل وجهة للفنون والثقافة لما تحتضنه من متاحف عالمية ومشهد فني نابض بالحياة، بينما فازت أنكاش (بيرو) بلقب أفضل وجهة للمغامرة بفضل طبيعتها وسلسلة جبالها الشهيرة "كورديليرا بلانكا". كما حافظت باريس على ريادتها العالمية بحصولها على جائزة أفضل وجهة للتسوق، تأكيدًا لمكانتها عاصمةً للأناقة التي تمزج بين التراث والحداثة.
ــــــــــــــ
*رائد أعمال.





