في زمن تتزاحم فيه المواقف وتتباين فيه المواقف ، يبقى هناك رجالٌ خُلقوا ليكونوا ميزان الحكمة وركن الثبات ، رجالٌ لا يبدّلون مبادئهم بتغيّر الأيام ولا يساومون على القيم مهما اختلفت المصالح .
ومن بين هؤلاء يبرز الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي ، الرجل الذي أثبت في كل محطة من مسيرته أن الكبرياء الحقيقي ليس في منصبٍ يُعتلى ولا كرسيّ يُشغل بل في نُبل المبدأ وصفاء النفس وعلوّ الخلق .
فقدرُ الكبيرِ أن يظل كبيراً ، وقدرُ النبيل أن يثبت كل مرة ، أنه أكبر من اللحظة
وأعمق من المشهد العابر .
وقد كان مشهد اعتلاء الدكتور النعيمي لقاعة المسرح إعلاناً جديداً لهذا المعدن الأصيل .. إذ وقف بشموخٍ يليق برجال المواقف ليُعلن انسحابه من سباق اللجنة الكشفية العربية عن الكرسي الخليجي واضعاً وحدة الصف الخليجي فوق أي مكسبٍ شخصي !! ، ومقدّماً المصلحة المشتركة على أي رغبة ذاتية ، كان ذلك قراراً يصدر فقط عن رجلٍ يعرف حجم الأمانة ، ويُدرك أن القيادة ليست صراعاً على مقعد ، بل مسؤولية تُمارس بروح الأخوّة وحكمة الكبار .
ومثل هذا الموقف لا يمكن فصله عن تاريخ رجلٍ حمل على عاتقه مناصب عالية ومهمّة .. كان أبرزها رئاسة جامعة قطر .. المنصب الذي برز فيه كقائدٍ صاحب رؤية واضحة ورجل دولة يجيد صناعة الفرق إضافة إلى مهام عربية وإقليمية عديدة جعلت منه شخصية عربية رفيعة يُشار إليها بالبنان وتحظى بتقدير كبير في الأوساط الأكاديمية والاجتماعية والكشفية .
لم يكن وجوده في أي منصب وجوداً شكلياً ، بل حضوراً يُحدث تأثيراً وينسج احتراماً ، ويصنع نهجاً مختلفاً في القيادة والإدارة .
هذا هو الدكتور إبراهيم النعيمي ، رجلٌ إذا حضر ارتفعت الهيبة ، وإذا تحدث أصغى الجميع ، وإذا قرر ، قرر بما يليق بالكرام وأصحاب المروءة .
إن المواقف الكبيرة لا تُقاس بمدتها ، بل بعمق أثرها ..
وهذا الموقف النبيل ، لن يمرّ مرور العابرين ، فهو موقفٌ يدوّنه التاريخ ، في صفحاته البهية ، ويحفظه النبلاء في قلوبهم ويتناقله الأوفياء جيلاً بعد جيل
لأنه درسٌ في الأخلاق قبل أن يكون قراراً ، ونموذجٌ في القيادة ، قبل أن يكون انسحاباً .
ألف شكر للدكتور إبراهيم النعيمي على هذا الموقف الذي سيبقى ، شاهداً على رُقيّ معدنه ، وعلى قلبٍ يعرف معنى الأخوّة ، وروحٍ خليجية تُدرك قيمة الوحدة
وعقلٍ قيادي لا يرى المجد إلا في لمّ الشمل وتغليب الحكمة .
ــــــــــــــــــ
أديب وكاتب كويتي
للتواصل
aboghazi1970@gmail.com





