أكدت المستشارة نورة الرشيد، في حديث خاص لصحيفة شاهد، تفاؤلها الكبير بالمرحلة المقبلة في مجال التراث والآثار، لاسيما في ظل الاهتمام النوعي الذي يحظى به هذا القطاع من سمو ولي العهد، عبر تبني رؤية المملكة 2030 لهذا المسار وإعطائه مكانته اللائقة. وأوضحت أن هذا الاهتمام انعكس على المدن والمحافظات التراثية مثل العلا والدرعية وغيرها. وفيما يلي نص الحوار:
- نبدأ بالتعريف: من هي المستشارة نورة الرشيد؟ وما أبرز محطاتك العملية ومشاركاتك؟
أنا نورة الرشيد دراسات عليا من جامعة الملك سعود في علم الإدارة، بتركيز على الربط بين السياحة والثقافة، وتطبيقات ذلك على الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. كما حصلت على مكرمة من شركاء نجاحها سابقًا، وأطلقت عدداً من المبادرات في مجال السياحة والتراث دعمًا لرؤية 2030.
- ما الدافع الحقيقي لاهتمامك بالتراث؟ وما الأهداف التي تسعين لتحقيقها مستقبلًا؟
إذا فهمنا الماضي فهمنا الحاضر وأحسنا تطوير المستقبل. فالماضي ليس مجرد ذكرى؛ التراث هو أصل وجذر التطوير الإداري في كل مجال. ولا يمكن تطوير أي شيء دون العودة إلى أصله لفهم كيف بدأ وكيف وصل. التراكم المعرفي عبر السنين هو أساس التطور، والمعرفة لا تُحصر في الكتب، لذا يجب استعراضها واسترجاعها بشكل مادي ومحسوس، سواء عبر المتاحف أو المعارض أو الفعاليات التي تُقام حول تطوير المواقع القديمة.”
- كيف تنظرين إلى اهتمام رؤية المملكة 2030 بالتراث، وانعكاسه على ثقافة المجتمع؟
الجمع بين المحافظة على المواقع التاريخية وتطويرها أصبح سمة المرحلة. فقد أُعيد بناء العديد من المواقع وتطوير أساليب عرضها، وربط الماضي بالحاضر عبر فعاليات ترفيهية وثقافية متنوعة. وتشير إلى أن هذا التوجّه أسهم في تعزيز السياحة كمورد اقتصادي مهم، يضاف إلى تنويع الاقتصاد الوطني.
- ما رأيك في مبادرة سمو ولي العهد للعناية بالمساجد التاريخية وإعادة ترميمها؟ وما أبعادها الدينية والثقافية؟
المبادرة تستهدف أكثر من 130 مسجدًا تاريخيًا، وقد جرى بالفعل ترميم أكثر من 30 مسجدًا في مختلف المناطق. المبادرة تتوافق مع رؤية 2030، وتسهم في جودة الحياة وجذب الزوار. فالمساجد ليست لأداء الشعائر فقط، بل تحمل أبعادًا ثقافية واجتماعية، وتعزز الهوية الروحية والمعمارية لكل منطقة.”
- كيف تقرئين انتشار الطراز السلماني في المدن والطرقات؟ وما تأثيره المستقبلي؟
السلماني نمط معماري حديث يجمع بين الأصالة والعناصر الحديثة، مستمدًا من العمارة النجدية، ومستخدمًا مواد حديثة ولون البيئة المحلية. وتضيف أنه يهدف إلى تمييز العمران السعودي بدمج التراث مع التنمية، وأنه حاضر في معالم عدة مثل حي الطريف وقصر الحكم ومبنى وزارة الخارجية وحي السفارات.
- التراث القديم ما قبل الإسلام… ماذا عن النقوش العربية القديمة ودورها في فهم تاريخ الجزيرة العربية؟
النقوش هي الشاهد المادي الأقرب للحقيقة، وقد وُجد أكثر من 65 ألف نقش عربي قبل الإسلام، بعضها يعود لعشرة قرون قبل الميلاد. وهي موزعة في السعودية والجزائر والأردن وسوريا وفلسطين وغيرها. تشمل النقوش النبطية والمسند الجنوبي والصفوية والثمودية، وتعد كنوزًا تُظهر جوانب الحياة الثقافية واللغوية والاجتماعية.”
- ماذا عن تاريخ الأزياء القديمة ومراحل تطورها حتى اليوم؟
الأزياء، أو الكساء، رافقت الإنسان منذ الخلقة، وأن الأدلة تشير إلى استخدامها قبل مئات آلاف السنين. ومع تطور الحضارات ظهرت تقنيات النسيج والحياكة، وتنامى مفهوم الأزياء عبر العصور حتى ازدهر في القرنين التاسع عشر والعشرين، وصولًا إلى التنوع الراهن في القرن الحادي والعشرين.
- ما الدور الذي تلعبه الجامعات والكليات المتخصصة في تخريج أجيال تهتم بالتراث؟
دور في الجامعات والكليات تنحصر في ستة محاور:
- توفير المعرفة النظرية والبحثية.
- تقديم التدريب العملي في الترميم والحفظ والإرشاد وإدارة المواقع.
- تشجيع البحث والابتكار في التقنيات الحديثة.
- غرس الوعي الثقافي والمسؤولية تجاه التراث.
- إعداد قادة وممارسين مهنيين قادرين على إدارة المواقع التراثية.
- ربط التراث بالاقتصاد والسياحة والتنمية المستدامة.
- كيف أثرت الثقافات الأخرى والبعثات المتخصصة في تطوير الاهتمام بالتراث لدينا؟
التجارب العالمية أثرت في تشكيل السياسات والبرامج التعليمية لدينا، وأن التبادل الثقافي والبحثي أسهم في نقل خبرات الحفظ والترميم. كما أن المملكة ابتعثت طلابًا للدراسة في جامعات عالمية متخصصة، الأمر الذي انعكس على تطوير المناهج وظهور تخصصات جديدة في التراث.
المملكة تعزز هذا التوجه عبر التعاون مع اليونسكو، وتطوير برامج التدريب والمبادرات الوطنية، مما شكّل بيئة خصبة لتخريج كوادر مؤهلة تعمل على حفظ التراث وإبرازه.





