كنتُ دائمًا أتساءل عن سرّ هذا النجاح الاستثنائي الذي يلازم رئيس اللجنة التنفيذية بالاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات، الدكتور عبدالله بن محمد الطريجي، في كل موقع قيادي يتولاه ، نجاح لا يهدأ، وحضور لا يخفت، وتميز يفرض نفسه أينما حلّ ، سؤال ظلّ يرافقني طويلًا قبل أن أستمع إلى حديثه مساء الأربعاء ليلة الخميس الونيس ، خلال الأمسية الافتراضية التي جمعت رواد الكشافة العرب من المحيط إلى الخليج.
في ذلك اللقاء، كان حديث (د.الطريجي) صريحًا بالمرة ، شفافًا للغاية ، بلا تكلّف ولا زخارف ، حديث قائد يعرف أين يضع قدميه، ويملك من الصدق ما يكفي لتشعر أن كل جملة تخرج من قلبه قبل لسانه. ومع ذلك… ظل سؤال واحد يقف أمامي ما سرّ هذا التوفيق الذي يلازمه دائماً؟
كنتُ أظن — وأظنّي لم أكن مخطئًا — أن بينه وبين الله خبيئة لا يعلمها أحد، شيء من نورٍ خفيّ، من صدقٍ داخلي، من عبادةٍ أو إحسانٍ اختصّ به نفسه ، حتى كشف الرجل بنفسه، دون أن يقصد، عن تلك الخبيئة التي كانت سرًا فأصبحت علامة.
وحين تحدّث عن برّه بوالدته… عن لقائه اليومي بها… عن تقبيله يديها كل صباح… أدركت أني قد وجدت الجواب. لكن لا أخفيكم أن عينيَّ أدمعتا، فأنا فقدتُ والدتي، وكنتُ قريبًا منها بذات المستوى… وربما أكثر.
وحين أكّد حرصه على أداء الصلوات الخمس جماعة في المسجد، مهما ازدحمت مسؤولياته بين المحاكم والنيابة والدواوين… اكتملت الصورة.
وحين أشار إلى وفائه لرفاقه ومجالستهم في ديوانيات الكويت… ازداد اليقين.
وحين قال إنه يخصص عطلة نهاية الأسبوع كاملة لأسرته… فهمت أن النجاح يبدأ من الداخل قبل الخارج.
هنالك - تحديدًا - أدركت أن هذا الرجل لم يكن يسير وحده ، كان يسير مسنودًا برضا والدته، وبركة صلاته، وصفاء نيّته، وصدق علاقاته. هذه هي "الخبيئة" التي بينه وبين ربه. وهذه هي الوصفة الحقيقية لنجاحه الذي نراه ونشهد عليه ،
والناس — كما يُقال — شهود الله في الأرض ، لذلك لا عجب أن تأتي شهاداتهم في حقه صافية، متوافقة، متكررة بلا انقطاع.
نحن — الرواد — نرى أنفسنا محظوظين بأن يكون هذا الرجل قائدًا لنا ، فإن كنا نحن محظوظين به، فأسرته أحظى، لأنه أكد وبصوت الواثق أن نهاية الأسبوع لهم وحدهم… للزوجة… وللأبناء… للبيت ، الذي يحتضن قائدًا يعرف كيف يقسّم قلبه بين مسؤولياته وواجباته بميزان العدل والمودة.
لن أخفيكم… خرجتُ من تلك الأمسية بعنوان جديد لعملي القادم ، عنوانه "برُّ الوالدة… ومنزلته في حياة القادة وصناعة النجاح" ، سأجعله محور مؤلفي القادم - بإذن الله- . فالتجارب العظيمة تستحق أن تُروى، وأن تبقى نبراسًا لغيرها، هذا علمي وسلامتكم.





