صَلَاةُ الْجُمُعَةِ مَكَانَتُهَا عَظِيمَةٌ فِي الشَّرْعِ، فَهِيَ مِنْ آشدِّ فُرُوضِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلِذَا وَجَبَ التَّنْبِيهُ عَلَى:
أَوَّلًا: حُكْمُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ
قال تعالى ( { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
دلت الآية :-
على وجوب الجمعة على القريب الذي يسمع النداء ،
❐ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي:
«الْأَصْلُ فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ… وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ». اهـ.
✿ وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ذَكَرٍ بَالِغٍ حُرٍّ عَاقِلٍ مُسْتَوْطِنٍ.
❐ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ: «وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ حُرٍّ بَالِغٍ ذَكَرٍ».
❐ وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» رواه أبو داود.
✿ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَنْزِلُونَ مِنَ الْعَوَالِي يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ: وَالْعَوَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
ثَانِيًا: حُكْمُ تَرْكِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ
❐ مَنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبِهِ، وَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ كَفَّارَةً لِصَغَائِرِ ذُنُوبِهِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَأَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا تُكَفَّرُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ.
✿ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ» رواه مسلم.
❐ وَعَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضِّمْرِيِّ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ –مُتَوَالِيَةً– مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ» رواه أبو داود والنسائي.
✿ وَلَا يَصِحُّ لِمُسْلِمٍ تَرْكُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِلَّا بِعُذْرٍ : كَالْمَرَضِ الشَّدِيدِ، أَوِ السَّفَرِ، أَوِ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ أَوِ الْمَالِ أَوِ الْعِرْضِ، وَيُلْحَقُ بِهِمْ مَنْ يَشْتَغِلُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الضَّرُورِيَّةِ وَقْتَ الْجُمُعَةِ كالأَمْنِ وَالْمُسْتَشْفَيَاتِ، وَمَنْ خَشِيَ فَوَاتَ رِفْقَةٍ.
❐ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ صَلَّاهَا ظُهْرًا، وَمَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ.
ثَالِثًا: صَلَاةُ الْجُمُعَةِ لِلْمَرْأَةِ
✿ السُّنَّةُ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَكِنْ إِنْ صَلَّتِ الْجُمُعَةَ مَعَ النَّاسِ أَجْزَأَتْهَا عَنِ الظُّهْرِ إِذَا كَانَتْ مُتَسَتِّرَةً مُتَحَفِّظَةً مُتَحَجِّبَةً.
❐ النَّوْمُ عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ
✿ النَّوْمُ عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ السَّهَرِ وَالِانْشِغَالِ بِالشَّهَوَاتِ يَأْثَمُ فَاعِلُهُ. ولا يعذر في تركة صلاة الجمعة
❐ فَعَلَيْنَا –مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ– أَنْ نُحَافِظَ عَلَى أَدَاءِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، فَهِيَ وَاجِبَةٌ، وَنُكَثِرُ مِنْ تَنْبِيهِ الْغَافِلِينَ الْمُفَرِّطِينَ.
✿ نَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ.





