يُعدّ الإعلامي عطية الزهراني أحد أبرز الأسماء التي ارتبطت بالعمل الصحفي في الجبيل والمنطقة الشرقية لأكثر من ثلاثين عامًا. التقيناه واقتربنا من تجربته، فغصنا في أعماق مسيرته واطّلعنا على محطاته الشخصية والمهنية، في حوار حمل بين طيّاته سردًا لمساره الطويل، وتحولات المشهد الإعلامي، ورؤيته للتغيرات التي شهدتها الجبيل خلال العقود الماضية. كما تحدث عن التحديات التي يواجهها الإعلام المحلي وضرورة تمكينه ، وإليكم ما جاء في حديثه:
كيف بدأت رحلتك في عالم الصحافة؟ وما أبرز المواقف التي أثّرت في مسارك المهني وشكّلت تجربتك؟
بدأت رحلتي من ثانوية الخليج بالدمام حين كلفني مدير المدرسة الأستاذ راشد الرقيبة والمشرف عبدالله الخليل بإعداد مواد للصحف الحائطية ، تلك التجربة كانت الشرارة الأولى لتعريفي بمسؤولية الكلمة ودور الصحافة.
ثم جاء التطوير الحقيقي من خلال دراستي الجامعية التي صقلت معرفتي ومهاراتي. أما انطلاقتي المهنية فكانت عبر صحيفة عكاظ – مكتب الدمام بقيادة المدير محمد الجهني ونائبه سعيد الحجاجي، حيث تعلمت تكتيك العمل اليومي، والندوات، والدورات، والقراءة المستمرة.
وحين انتقلت للعمل في سابك بالجبيل واصلت المسار الصحفي عبر صحيفة اليوم كمسؤول تحرير لمكتب الجبيل، وهناك عملت مع نخبة من القامات الإعلامية. هذه التجارب المتراكمة صنعت الأساس الذي ما زلت أسير عليه حتى اليوم.
وما أبرز المحطات التي تعتز بها في مشوارك المهني؟
أعتز بكل لحظة كان فيها صوتي صوت الناس، ونقل همومهم للمسؤول حتى تتحقق الحلول وهذا هو معنى الصحافة الحقيقي لدي ، ومن أبرز محطاتي، توثيق زيارات الملوك والأمراء للجبيل وتغطية زيارات رؤساء دول ، وتكليفي بإصدار ملاحق إعلامية وطنية رافقت مناسبات كبيرة ، إلى جانب متابعة مشاريع صناعية منذ وضع حجر الأساس حتى التصدير للأسواق العالمية ، وتغطية انطباعات زوار الجبيل من مختلف دول العالم، وإبراز الصورة المشرفة للمدينة، والمشاركة في الإعلان عن توزيع الأراضي للمواطنين، وهو ملف يلامس احتياجات المجتمع، العمل مع سبعة من رؤساء التحرير، تعلمت من كل واحد منهم مدرسة مختلفة وفنونًا متعددة.
ولا أنسى تجربة “رجال تحت الشمس” التي أسندها لي رئيس التحرير الراحل محمد الوعيل رحمه الله، وكانت مرحلة شكلت جزءًا كبيرًا من هويتي الصحفية.
ورغم الإغراءات الكبيرة، فضّلت عدم التفرغ الكامل للإعلام حفاظًا على التوازن المهني؛ واليوم أحمد الله على ذلك القرار الذي جعلني أستمر في الصحافة رسالةً لا وظيفة.
كما أتشرف بلقاء أصحاب السمو أمراء المنطقة الشرقية كافة، وكان آخرها لقاء سمو نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن بندر، وهو دعم يشكل وقودًا لكل إعلامي.
ما الفارق بين تحديات الأمس وتحديات اليوم؟
الفرق بين الماضي والحاضر كالفرق بين الأرض والسماء ، قديمًا كنا نكتب باليد ، ونرسل الأخبار عبر الفاكس ، نلاحق المواعيد الشفهية ونعيش على الاجتهاد الفردي ، ونعيد تحرير النصوص عدة مرات حتى نصل لنسخة تُرسل قبل موعد الطبعة.
اليوم التقنية اختصرت الوقت لكنها رفعت مستوى المنافسة ، صارت الأخبار أسرع من قدرة أي مؤسسة على استيعابها ،وأصبح الصحفي مطالبًا بأن يكون: كاتبًا – مصورًا – محررًا – موثقًا – وصانع محتوى في آن واحد ، ورغم التطور، تظل المسؤولية نفسها: الصدق، المهنية، ورسالة المجتمع.
ما تطلعاتك المستقبلية؟ وما رسالتك للجهات المعنية؟
أتطلع إلى استمرار وتيرة التطوير بوتيرة أعلى، مع عقد لقاءات دورية بين المسؤولين والمواطنين وسكان الأحياء. فالتواصل مع المجتمع عنصر جوهري لنجاح أي مشروع.
رسالتي للجهات المعنية : افتحوا أبوابكم للإعلام… فهو الشريك الذي يمكّن المواطن من رؤية حجم الإنفاق على المشاريع والجهود المبذولة للوطن والمواطن.
فالشفافية لا تُضعف الجهات، بل تعزز الثقة وتُظهر حجم العمل الكبير الذي يُقدم يوميًا.
هل لديك كلمة أخيرة تود إضافتها؟
أشكركم على هذا اللقاء، ويسعدني أن أكون ضيفًا خفيفًا على قراء صحيفة شاهد الآن، وأؤكد أن الصحفي — مهما بلغت خبرته — يظل في حالة تعلم دائم، فالإعلام ميدان لا يتوقف، ومن يظن أنه وصل للنهاية يفقد بريقه، أسأل الله التوفيق للجميع في خدمة هذا الوطن المعطاء.




