لا أعرف جهةً تُجيد صناعة الأثر الهادئ مثل جمعية هدية الحاج والمعتمر.
هذه الجمعية الخيرية التي تجاوز عمرها خمسة عشر عامًا في ميدان الخدمة، لا تزال تقدم نفسها كل موسم بشكل جديد، وكأنها تُعيد تعريف معنى الوفادة على أبواب البيت الحرام.
اعتدتُ – شخصيًا – أن آخذ ضيوفي من زوار مكة إلى مقر الجمعية. أفعل ذلك بثقة كاملة؛ لأنني أعرف أن الضيف سيُستقبل استقبالًا يليق بالمكان والرسالة. هناك، لا يشعر الإنسان بأنه في مؤسسة خيرية، بل في بيت يحتفي بزائريه، ويعاملهم كما يُعامل أهل مكة ضيوفهم منذ مئات السنين ، بمحبة، وكرم، وابتسامة لا تنطفئ.
في برنامج "عمرة الرواد 2" اليوم الأربعاء ، كانت الزيارة مختلفة… مختلفة في تفاصيلها، وفي طريقتها، وفي شعورنا ونحن نخطو إلى الداخل.
استقبلنا المهندس تركي الحتيرشي بنفسه؛ وهو حضور لا يُشبه غيره. مزيج من الاحترافية والهدوء والإلهام. رجلٌ يعرف قيمة المكان، ويعرف أكثر قيمة “الابتسامة السعودية” التي جعل منها “براندًا” خاصًا بالخدمة الراقية لضيوف الرحمن.
في المعرض التفاعلي المتقن، قدّم الزميل إبراهيم النوري (المبدع) عرضًا مشوّقًا، تنقل فيه بين مبادرات الجمعية ومشاريعها بطريقة تُشعل الحماس، وتفتح العين على عمل مؤسسي قائم على فهم عميق لاحتياجات الحاج والمعتمر. العرض لم يكن معلوماتٍ فقط؛ كان حكاية تُروى، وصورةً ناصعة لما يجب أن تكون عليه جهود القطاع غير الربحي.
في نهاية الزيارة، تلقّى المشاركون في عمرة الرواد 2 هدية قيمة، حملت رمزية كبيرة.
لم تكن مجرد إشعار بالترحيب، بل كانت رسالة واضحة: هنا… يُجسّد الإنسان السعودي كرمه ، وهنا… يُكرَّم ضيف الله بما يليق باسمه ومكانته.
وهنا… يفهم الجميع أن الخدمة ليست وظيفة، بل نعمة ومسؤولية.
رأيت في أعين المشاركين أثر تلك الهدية… أثر سيبقى طويلًا، لأنها تمسّ جوهر الرسالة التي جاءت الجمعية من أجلها.
ما تقدمه "هدية" ليس مشروعًا موسميًا، ولا مبادرات تُقال في تقارير صحفية.
هو أسلوب حياة. ، هو التزام أخلاقي ، وهو انعكاس لاهتمام القيادة – خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين – بالقطاع غير الربحي ليؤدي دوره كما يجب، ويكون واجهة مشرقة للمملكة العربية السعودية أمام العالم.
في كل زيارة للجمعية، يزداد يقيني بأن هذا الكيان يسير بثبات في صناعة أثر اجتماعي وإنساني حقيقي، يرفع اسم المملكة، ويُشعر الزائر بأنه ليس غريبًا… بل في حضن مدينة وناس يعرفون جيدًا معنى الضيافة.
وحين تخرج من جمعية “هدية”، تحمل معك شيئًا يشبه الرضا… وتشعر أنك رأيت نموذجًا نقيًا للعطاء ، وهذا ما يجعلني أعود إليها في كل زيارة، ومع كل ضيف… لأن المكان لا يستقبل فقط، بل يرتقي بك… ويُعيد تشكيل معنى الخدمة في داخلك ، هذا علمي وسلامتكم
ـــــــــ
*منسق برنامج عمرة الرواد2





