تستعد مدينة المذرذرة التابعة لولاية الترارزة جنوب موريتانيا، لاحتضان مهرجان دولي ثقافي كبير، يُقام – بمشيئة الله – خلال أيام 26 و27 و28 من الشهر الجاري، في حدث يُعد من أبرز التظاهرات الثقافية التي تشهدها المنطقة، ويُنتظر أن يكون له أثر بالغ في إعادة إحياء الذاكرة الثقافية والمعرفية للمدينة، وتسليط الضوء على مكانتها التاريخية.
ويمثل هذا المهرجان عرسًا ثقافيًا يُنظم لأول مرة في واحدة من أعرق المدن الموريتانية، التي شكّلت عبر التاريخ بوابة الجنوب، نظرًا لموقعها الاستراتيجي القريب من حدود جمهورية السنغال، وما تتمتع به من ثقل علمي وثقافي واجتماعي، جعلها مركز إشعاع معرفي امتد تأثيره إلى مختلف مناطق إفريقيا الغربية.
وسيُسهم المهرجان في نفض الغبار عن كنوز ثقافية ومعرفية ظلّت حاضرة في ذاكرة المكان، وفي مقدمتها “المحاظر” ، التي يُطلق عليها الموريتانيون “الجامعات المتنقلة على ظهور الإبل”، والتي شكّلت عبر قرون طويلة منارات علمٍ ومعرفة، خرّجت أجيالًا من العلماء، وأسهمت في نشر العلوم الشرعية واللغوية في ربوع المنطقة وخارجها.
وقد تميّزت المذرذرة بكونها حاضنة لمجموعات سكانية لعبت أدوارًا بارزة في مقاومة الاستعمار الفرنسي، وأخرى عُرفت بسبقها المعرفي واستقرارها في هذه الربوع منذ القرن الثامن الهجري، بل قبل ذلك، ما حوّل المدينة إلى ركن علمي فريد، ظل متدفقًا بالعلم النافع، ومقصِدًا لطالبي المعرفة.




