كنا صغار احلامنا بسيطة وافكارنا بريئة نتعلق بالاشياء فلا تفارقنا حتى بعد تقدمنا بالسن بل تعدى الامر اننا نفرضها على ابنائنا ونحكيها لهم ونحببها اليهم ونحن ندرك انهم قد يجاملونا ! كل هذا وذاك لنعيد ذاكرتنا الى الوراء لنسلي النفس بما مضى .
بسبع طلقات من خلال مدفع رمضان او طوب كما يحلو لبعض الناس تسميته يعلن ولي الأمر دخول شهر البركة شهر رمضان الذى طال انتظاره واشتاقت النفوس اليه حيث نجول في الطرقات والحواري نهتف ونغني بدخول هذا الشهر العظيم . او بثلاث طلقات يعلن ولي الأمر موعد الافطار حيث التَّحلُّق حول مائدة الافطار وكل واحد منا يقول انا اليوم صمته كاملاً ونحن ندرك غير ذلك ؛ وبمثلها ( ثلاث طلقات ) يعلن ولي الأمر موعد السحور وقرب دخول الفجر .
ا ن لمدفع رمضان حكايات جميلة وقصص مشوقه لدى الجيل السابق حيث لا وسائل اتصال لديهم او قنوات تلفزيونية يشاهدونها ليترقبوا دخول شهر رمضان او خروجه كل اعتمادهم في ذالك على الصوت المدوي في الافق صوت المدفع هذا في منطقة الخليج العربي اما في المناطق الجنوبية من المملكة فقد اخبرني والد زميلي الاستاذ علي انهم يشعلون النار في قمم الجبال ليعلنوا لاهل القرى البعيده ان غدا اول ايام رمضان .
ان لمدفع رمضان حكاية غربية وعجيبة يقال ان جنود والي مصر في العهد العثماني يتسلون قبيل الافطار في شهر رمضان ويعملون على تنظيف اسلحتهم والمدافع المنصوبه في مدخل القاهرة (كما يفعل بعض الرجال في هذا الزمان على الاعتناء بسياراتهم ) ولم يدركوا ان احد المدافع توجد فيه ذخيره وبينما هم يلعبون تم اطلاق طلقه بالخطأ وافقة هذه الطلقة بعد ان دوة في الافق وقت الافطار ودخول موعد أذان صلاة المغرب . غضب الوالي من تصرف هؤلاء الجنود وامر بحبسهم ومعاقبتهم على هذا الفعل، وفي اليوم التالي جاء وفد من اهل القاهرة يشكرون الوالى على هذه الحركة التى اشعرت الناس بموعد الافطار ودخول وقت صلاة المغرب أعتقادا منهم ان الوالي فعلها بقصد . استحسن الوالى الفكرة وامر بعد ان أخرج الجند من السجن بتعميم هذا العمل على ارجاء مصر .
ولو قمنا بتحليل هذا الفعل بتحليل فيزيائي بالعمل الذى قام به جنود الوالى لادركنا ان احداث صوت قوي يدوي في الافق كصوت المدفع يعقبه سكوت مطبق في الافق يمكن ان تسمع اي صوت بعده كصوت الاذان .
ومع الطفرة التى مرت بها المملكلة من جميع النواحي والتغير الذى طرأ على حياتنا وانتقالنا من الاحياء الشعبية التي نسكنها الى الاحياء الحديثة الواسعة اختفى معها هذا المدفع الذى يرمز الى شهر رمضان المبارك اختفى في الانظار ولكن لم يختفي من الذاكرة بل ظل راسخا في ذاكرة جيل الطيبين . يتذاكرونه بين فترة واخرى وعن الاشخاص الذين يقومون باطلاق الطلقات من على قمم المرتفعات بالمنطقة . بل تعدى الامر بان يفضلون مشاهدة بعض المحطات الفضائية الخليجية التى تعرض مشاهد من المدفع وقت الافطار بسبب قرب الاحساء من دولة الخليج العربي او مشاهدة القناة الاولى من التلفزيون السعودي وهو ينقل دخول اذان المغرب مع عرض اطلاق المدفع في العاصمة المقدسة .
اختفى مدفع رمضان باسباب معلومة او غير معلومة مقنعة او غير ذلك . في ما رجح انه بدعة في الدين وانه ليس له اصل او ان ليس له حاجة مع تقدم وسائل الإعلام الحديثة والتواصل الاجتماعي الذى قرب بين الامم .
اختفى هذا المدفع من الأنظار ولكن لم يختفى في النفوس فهل اشاهده مره اخرى في ميادين الأحساء مع دخول شهر رمضان باشراف من الامين المخلص المهندس عادل الملحم امين امانة الأحساء وفقه الله الذى يقوم مشكورا بنصب الفوانيس والاهلة في شوارع وميادين الاحساء ؛ وهل اشاهد المدفع ينصب في احد الميادين ؟ بعد اخذ الاذونات من الجهات المعنية وسماعه وقت الافطار .. ان حصل ذلك سأكون اول المتقدمين من وفد اهل الاحساء الذين يقدمون الشكر للامين المهندس عادل الملحم على هذا العمل كما فعل اهل القاهرة مع والي مصر .
✍? بقلم :
ياسر محمد السعيد