تقاوم الاندثار عاماً بعد آخر إلا أنها تظل باقية في أذهان الكبار ومحببة لدى الصغارولا يكتمل شهر رمضان إلا بوجود “المسحراتي”الذي اعتاد أن يطوف شوارع محافظة الأحساء، في ليالي الشهر الفضيل ليوقظ الناس لتناول وجبة السحورقبل طلوع الفجر.
ومع انطلاق شهر رمضان لهذا العام يترقب الصغار والكبار في الأحساء موعد
مرور” أبو طبيلة ” قبل أذان الفجر بنحو ساعتين ويخرجون من منازلهم أو يطلون من نوافذهم لرؤية المسحراتي وهو يمسك بطبلة صغيرة يقرع عليها بطريقة لا تخلو من نغمة محببة إلى النفس ويردد الأهازيج والعبارات الدينية وهو ينادي بصوت جهوري على الأهالي وكذالك مشاركتهم ليالي القرقيعان والفرحة على وجوه الاطفال
وتبقى مهنة “المسحراتي” أو “أبو طبيلة” من أقدم العادات والتقاليد الرمضانيةالتي اعتاد عليها الناس في المملكة عامة والأحساء خاصة فيحافظون عليها بشكلها القديم المتعارف عليه بيد أن هذه المهنة تقاوم الفناء، لأنها لا تستمر سوى 30 يوماً فقط في العام، ومن المستحيل أن تؤمن دخلاً جيداً لمن يعملون فيهاواعتاد البعض على العمل فيها بشكل موسمي للمحافظة على هذه العادة الجميلة.
واعتاد المسحراتي في السعودية ومنها الأحساء أن ينادي الأهالي بأسمائهم وهو يطرق عليهم أبوابهم ولا يتركهم إلا بعد أن يتأكد من استيقاظهم بالفعل، ولكل قرية صغيرة مسحر خاص بها في الأحساء ومع النمو السكاني وكثرة عدد السكان، ومع قلة عدد المسحرين اكتفى أغلبية المسحرين بأن ينادوا على الأهالي بأسماء عامةأو بذكر بعض العبارات التي تذكرهم بتقوى الله وتدعوهم إلى التخلي عن النوم والاستيقاظ لتناول السحور.
وتتمسك محافظة الأحساء وقراها بتقليد “أبوطبيلة” رغم التراجع الملحوظ بسبب انتشار المنبهات في أجهزة الجوال الذكية فضلاً على اعتياد غالبية المواطنين في السنوات الماضية على السهر حتى تناول السحور وصلاة الفجر ثم الخلود إلى النوم.
وقديمًا كان المسحّراتي لا يأخذ أجره وكان ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل منزلاً منزلاً ومعه طبلته المعهودة فيوالي الضّرب على طبلته نهار العيد لعهده بالأمس في ليالي رمضان فيهب له النّاس بالمال والهدايا والحلويّات ويبادلونه عبارات التّهنئة بالعيد السّعيد ومن الأهمية القصوي لدور المسحراتي نجد أن العديد من فوانيس رمضان أصبحت على شكل مسحراتي ويردد ما يقوله المسحراتي في المواقع نظرا لمدى أهمية هذا الرجل في المجتمع ومدى فرحة الأطفال به.
و قد عبر المسحراتي “أو ابوطبيلة”جابر الخطام من مدينة الهفوف بالأحساء عن سعادته بالمحافظة على هذه المهنة رغم اختفائها من معظم المدن بالأحساء، مشيراً إلى أنه من سنوات وهو يمارس مهنة المسحراتي وسيستمر في ممارستها مؤكداً أنها جزء من تراث الأحساء العريق.